للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الحسن ابنِ القطَّان الفاسيُّ (ت ٦٢٨ هـ)، الَّذي تَكَلَّم في شيءٍ ممَّا فيهما في «بيان الوَهم والإيهام» (١).

في مُقابل هؤلاء؛ برزَ مِن أهل الفنِّ مَن تَصدَّى للردِّ على أكثرِ تلك التَّعليلاتِ، والانتصار للشَّيخينِ في أغلبِ ما انتُقِد عليها؛ وذلك قول السُّيوطيِّ (ت ٩١١ هـ):

وانتقدوا عليهما يسيرًا ... فكَمْ تَرى نحوهما نصيرًا (٢)

أشهرهم في ذلك أبو مَسعودٍ الدِّمشقي (ت ٤٠١ هـ) في كتابه «الأجوبة عمَّا أشكلَ الشَّيخ الدَّارقطني على صحيح مسلم»، وهذا النَّوع مِن الجوابِ هو أغلب مادَّة الكتاب (٣).

وليس يَستغني أحدٌ ينشد متينَ جوابِ عن تلك النَّقدات، عَمَّا دبَّجته يراعُ ابن حجر العَسقلانِيِّ (ت ٨٥٢ هـ)، وذلك في مُقدِّمته البديعة لشرحِ البخاريِّ «هُدَى السَّاري»؛ أورَدَ فيه مائةَ حديثٍ وعشرةً (١١٠) مِمَّا أعَلَّه الدَّارقطني وغيرُه على البخاريِّ بخاصَّةٍ، ذَكر أنَّ مسلمًا شاركه في أربعٍ وأربعين حديثًا، دافعَ عنها على سَبيل الإجمالِ، ثمَّ فصَّل القولَ في كلٍّ حديثٍ منها على تَرتيبِ أبوابِ «الصَّحيح»؛ وما لم يذكره في المُقدِّمة، استدركَ الكلامَ عليه في مَواضعِ شَرحِه لها (٤).


(١) يقول إبراهيم بن الصديق الغماري في كتابه «علم علل الحديث من خلال كتاب الوهم والإيهام» (٢/ ٣١٦): « .. تارة يضعِّف -يعني ابن القطان- ما أخرجه في الصحيح، وتارة يقول: إن ما صححه البخاري كغيره يجب النظر فيه».
وقال (ص/٣٤٧): «علَّل ابن القطان كثيرا من أحاديث الصحيحين أو أحدهما بالطعن في رجل في إسناد من أسانيدهما، واعتبر الحديث المتكلم فيه إما ضعيفا وإما حسنا».
(٢) «ألفية الحديث» للسيوطي (ص/٧).
(٣) وفيه إيراده تعقُّبه على مسلمٍ في روايتِه عن بعض الرُّواة مع رميِهم بالضَّعف -وهم قِلَّة- والجواب عن ذلك كلِّه، وقد يوافق الدَّارقطنيَّ على تعليلِه، لكنَّه لا يأل جهدًا في الاعتذار عن مسلم ما أمكنه إلى ذلك، انظر مقدمة تحقيق كتاب «أجوبة أبي مسعود الدمشقي عما أشكل الدارقطني على صحيح مسلم» لإبراهيم الكليب (ص/٩٧) وما بعده.
(٤) انظر «هدى الساري» (ص/٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>