وبه نعلم خطأ ما أطلقه (أحمد شاكر) في تحقيقه لـ «مسند أحمد» (٦/ ٥٥٣) من دعواه أنَّ انتقادات الأئمَّة لما انتقدوه فيهما ليس غرضها إلَّا بيان الأصحِّ من أوجه الحديث فحسب، مع التَّسليم بكونِ ما في «الصَّحيحين» صحيح كلُّه؛ فتراه يقول في ذلك: «غَلا بعضُهم، فزعَم أن في الصَّحيحين أحاديث غير صحيحة، إن لم يزعم أنَّها لا أصل لها، بما رأوا من شبهات في نقد بعض الأئمَّة لأسانيد قليلة فيهما، فلم يفهموا اعتراض أولئك المتقدِّمين الَّذين أرادوا بنقدهم أنَّ بعض أسانيدهما خارجة عن الدَّرجة العُليا من الصِّحة الَّتي التزمها الشَّيخان، لم يريدوا أنَّها أحاديث ضعيفة قطُّ». وتبعه على مثل هذا الإطلاقِ بعض من تصدَّى للذَّب عن الصَّحيحين من المعاصرين، كالَّذي وقع فيه الباحثون في موسوعة «بيان الإسلام» (٦/ ٧٢) مِن دعوى أنَّ إجماعِ علماء الحديث على أنَّ أحاديث «صحيح مسلم» صحيحة! وهذا نموذج من الأخطاء النَّقليَّةِ الَّتي يَستمسك بها أولئك الطَّاعنون، للتَّهوينِ من ردودِ أهل السُّنة، والسُّخرية مِن تقريراتهم، للأسف. (٢) انظر تقرير هذا في «صيانة صحيح مسلم» لابن الصَّلاح (ص/١٧٧)، و «النكت على مقدمة ابن الصلاح» للزركشي (١/ ٢٧٨). (٣) من أمثلته: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (٥/ ١٣٢، برقم:٤٢٠٣) من طريق الزُّهري قال: أخبرني سعيد بن المسيِّب أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه قال: «شهِدنا خَيبر .. »، فأصل الحديث صحيح، إلَاّ قوله في آخره: «قُم يا بلال فأذِّن .. » فمدرج في روايةِ شعيب الَّتي خرَّج البخاري، كما قرَّره ابن حجر في «هدى الساري» (ص/٣٧٠).