للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغَرضي: بيانُ كونِ (ابنِ كيسان) هذا لم يُروَ عنه لفظُ «الأمَراءِ» أصلًا حتَّى يَستنكِره عليه أحمد! وكأنَّ أحمد وَهم فيه، حيث خَلَّط في كلامِه بين روايةِ ابن كيسان وروايةِ غيرِه -والله أعلم-.

ثمَّ على التَّسليمِ بصحَّةِ لفظةِ «الأُمراء» عن (المَخرميِّ): فينبغي مُعارَضتها بروايةِ (صالح بن كيسان)؛ وصالحٌ هذا لوحدِه أوثقُ وأجَلُّ مِن (المخرميِّ) بدَرجاتٍ، فضلًا عن مُتابعةِ (الدَّراوردي) له في لفظه!

مِمَّا لا يَدع مجالًا للشَّكِ عندي بأنَّ زيادةَ (المخرميِّ) للفظِ «الأمراء» هي مِن أوهامِه، يبلُغ بها الحكمَ بالشُّذوذ، خصوصًا أنَّها تُسبِّبُ إشكالًا في معنى الحديث.

والَّذي جَرَّأني على تخطِئةِ هذا الإمام الكبير قرينةٌ أخرى في كلامِه تُلَوِّح بخَطَئِه:

وهو ما عنيته بالمَوضع الثَّاني مِن مُشكِل كلامِ أحمد:

حيث نَسَب حديثَ «اصْبِروا حتَّى تَلقوني» إلى روايةِ ابنِ مسعود رضي الله عنه، وابنُ مَسعود لم تَصحَّ روايةٌ عنه بهذا اللَّفظ أصلًا! بل هي روايةُ غيرِه مِن الصَّحابةِ (١)، أمَّا ابن مسعود فقد رَوى حديثَ: «أنا فَرَطُكم على الحوضِ» (٢)؛ والله أعلم.


(١) وهم: أسيد بن حضير، وأنس بن مالك، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وكعب بن عجرة، انظر رواياتهم لهذا الحديث في «المسند المصنف المعلل» (١/ ٣٤٤) (٣/ ٥٢٨) (٤/ ٢٢٥) (١١/ ٢٥٤)، ويتبيَّن أيضًا عدم رواية ابن مسعود لهذا الحديث بخلوِّ أحاديثه التي في «تحفة الأشراف» للمزِّي مِن هذا الحديث بهذا اللَّفظ الَّذي ذكره أحمد.
(٢) كما عند البخاري في (ك: الرقاق، باب: في الحوض، برقم: ٦٥٧٥)، ومسلم (ك: الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته، برقم/٢٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>