ويقول (سامر إسلامبولي): «النَّبي موسى يلوم آدمَ على إِخراجِ الذُّريَّةِ من الجَنَّة، وسببُ ذلك هو معصيةُ آدم، فاللَّوم هو على المعصيةِ الَّتي نتَج عنها الإخراج من الجنَّة، ولا علاقة هنا لكونِ آدمَ تاب مِن المعصية أو لم يَتُب؛ لأنَّ ذلك متعلِّقٌ به وبمغفرة الله له، والَّذي يهمُّنا ما ترتَّب على المعصية الَّذي هو الإخراجُ من الجَنَّةِ؛ أمَّا تبرير آدم فكان بالقَدَر، واحتجَّ أنَّ ذلك الإخراجَ كان مكتوبًا عليه قبل خلْقه بأربعين سَنة، والجواب النَّبوي هو: أنَّ آدم حجَّ موسى.
ولاشَكَّ هنا أَنَّ احتجاج آدم بالقَدر على إخراجه من الجنَّة يتضمَّن تبرير المعصية؛ لأنَّ الإخراجَ نتيجة المعصية، ولا مُبرِّر لأيِّ تأويلٍ ولَفٍّ ودوران لجعل النَّصِّ صحيحًا، وأنَّ الاحتجاج بالقَدر كان على الإخراج فقط دون معصيةٍ، أو أنَّه يصحُّ الاحتجاج بالقَدر على المعصية الَّتي تاب منها الإنسان وهي في حكم الماضي: ذلك كلُّه تأويل متهافت لنصٍّ باطل، فالنَّص صريحٌ في ترسيخ فكرة أنَّ المعاصي وما يَنتُجُ عنها إنَّما هو بتقدير الله عز وجل، وذلك مكتوب قبل الخلق، وذلك يُرسِّخُ فكرة الإجبار والإكراه على الأعمال»! (١).
وهذان المعترضان ومَن وافقهما في هذا الفهمِ للخَبرِ أذيالٌ للمعتزلة؛ فقد سُئل كبيرُهم الجبَّائيُّ (ت ٣٠٣ هـ): «ما تقول في حديث أبي الزِّناد، عن الأَعرج، عن أبي هريرة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: ألَّا تُنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها؟
فقال الجبَّائي: هو صحيح.
قال البركاني: فبهذا الإسناد نُقل حديث: حَجَّ آدم موسى!
فقال الجبَّائي: هذا خَبَرٌ باطل!
فقال البركاني: حديثان بإسناد واحدٍ؛ صحَّحت أحدهما، وأبطلت الآخر!
قال الجبَّائي: لأنَّ القرآن يدلُّ على بطلانه، وإجماع المسلمين، ودليل العقل.