للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسائِه حين قال: «يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنَّه يكلِّمهنَّ البَرُّ والفاجر»، ورواية أخرى تقول: إنَّها نزلت عندما لبَّى عمر دعوة النَّبي صلى الله عليه وسلم للأكل، وأصابت يده إصبعَ عائشة، فقال عمر: «حسّ! لو أُطاع فيكنَّ ما رأتكُنَّ عين» (١).

ثمَّ حديث آخر يروي أنَّها نَزلت عندما أرادت سَودة أمُّ المؤمنين الخروجَ لقضاء الحاجة، فلمَّا رآها عمر، وكان حريصًا على نزولِ آية الحجابِ، ناداها: «يا سودة، أمَا والله ما تَخفين علينا، فانظري كيف تَخرجين .. » (٢).

ثمَّ رواية أخرى يجزم فيها أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّها نزلت يوم أصبح النَّبي صلى الله عليه وسلم عروسًا بزينب بنت جحش، وقد دعا قومًا لطعامِه، فجعلَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يخرج ثمَّ يرجع، وهم قعود يتحدَّثون، وكان النَّبي صلى الله عليه وسلم شديدَ الحياء، فخرج منطلقًا نحو حجرة عائشة رضي الله عنها، فأُخبر أنَّ القوم خرجوا فرَجع، يقول أنس رضي الله عنه: «حتَّى إذا وضَع رجلَه في أسكفَّة الباب داخلة، وأخرى خارجة، أرخى السِّترَ بيني وبينه، وأُنزلت آية الحجاب» (٣).

وفي تقرير دعوى التَّضارب بين هذه الرِّوايات، يقول (صادق النَّجمي): «هذه التَّناقضات في قصَّة واحدة -نزول آية الحجاب موافقة لرأي عمر- مصداق


(١) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (رقم: ١٠٥٣)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ك: التفسير، باب: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم، رقم: ١١٣٥٥) وغيرهما من طريق مسعر، عن موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن أم المؤمنين عائشة.
قال الدراقطني في «العلل» (١٤/ ٣٣٨): «يرويه مسعر، واختلف عنه:
فرواه ابن عيينة، عن مسعر، عن أبي الصباح موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن عائشة.
وغيره يرويه عن مسعر، عن أبي الصباح، عن مجاهد مرسلًا، والصَّواب المرسل» ا. هـ
(٢) أخرجه البخاري أخرجه البخاري (ك: تفسير القرآن، باب: باب قوله: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَاّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}، رقم: ٤٧٩٥)، ومسلم (ك: السلام، باب: إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان، رقم: ٢١٧٠).
(٣) أخرجه البخاري (ك: تفسير القرآن، باب: باب قوله: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَاّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}، رقم: ٤٧٩١ - ٤٧٩٤) ومسلم (ك: النكاح، باب: باب زواج زينب بنت جحش، ونزول الحجاب، وإثبات وليمة العرس، رقم: ١٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>