للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: «أربعون يومًا، يوم كسَنةٍ، ويوم كشهرٍ، ويوم كجمعةٍ، وسائر أيَّامه كأيَّامكم»، قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الَّذي كسنةٍ، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «لا، اقدروا له قدره».

قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: «كالغيثِ استدبرته الرِّيح، فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السَّماء فتُمطر، والأرض فتُنبت، فتروح عليهم سارِحتُهم (١) أطول ما كانت ذُرًا (٢)، وأسبَغه ضُروعًا، وأمدَّه خواصر، ثمَّ يأتي القوم، فيدعوهم فيردُّون عليه قولَه، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلِين (٣)، ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمرُّ بالخَرِبة، فيقول لها: أخرجي كنوزك! فتتبعه كنوزها كيعاسيبِ النَّحل (٤)، ثمَّ يدعو رجلًا ممتلئًا شبابًا، فيضربه بالسَّيف، فيقطعه جَزْلَتين رميةَ الغَرَض (٥)، ثمَّ يدعوه، فيقبل ويتهلَّل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك، إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاءِ شرقيِّ دمشق بين مَهْرودَتين (٦)،

واضعًا كفَّيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قَطَر، وإذا رفعه تحدَّر منه جُمان كاللُّؤلؤ، فلا يحلُّ لكافر يجد ريح نفسِه إلَّا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طَرْفُه، فيطلبه حتَّى يدركه بباب لُدٍّ فيقتله» (٧).


(١) السَّارحة: المواشي التي تخرجُ للسَّرحِ، وهو الرَّعي، انظر «المُفْهم» لأبي العباس القرطبي (٧/ ٢٨١).
(٢) ذُرًا: جمع ذُروة، وهي الأَسنمة، انظر «المُفهم» (٧/ ٢٨١).
(٣) مُمحلِين: مُجْدبين، انظر المصدر السابق.
(٤) يَعَاسيب النَّحل: فُحولها، وأحدها يعسوب، وقيل: أُمراؤها، ووجه التشبيه: أَنَّ يعاسِيب النَّحلِ يتبع كلَّ واحد منهم طائفةٌ من النَّحلِ، فتراها جماعاتٍ مُتفرِّقة، فالكنوز تتبع الدَّجَّال كذلك، انظر «المفهم» (٧/ ٢٨٢).
(٥) جَزْلَتَينِ رمية الغَرَض: قسَمه قطعتين وفرقتين، «رمية الغرض»: منصوب نصب المصدر، أي: كرمية الغرَضِ في السُّرعة والإِصابة، انظر «المفهم» (٧/ ٢٨٢).
(٦) مهرودتين: أي في شُقَّتَين أو حُلّتيْن، انظر «النهاية في غريب الحديث» (٥/ ٥٨٨) ..
(٧) أخرجه مسلم في (ك: الفتن وأَشراط السَّاعة، باب: ذكر الدجَّال وصفة ما معه، رقم: ٢٩٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>