العلم؟ قال في الفجر الساطع: أي تعليمه وجواب هل محذوف تقديره: نعم يجعل لهن ذلك اهـ وفي شرح الطريقة المحمدية للعارف النابلسي: وليس من التشبه المذموم دخول المرأة في شيء من طلب العلم وتعليمه وتربية المريدين، فقد كانت عائشة تعبر العلوم وتورد الإشكالات على الفحول، وقد استدركت على جماعة من الصحابة في كثير من الأحاديث، فاستدركت على عمر وابنه وأبي هريرة وابن عباس وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن الزبير وزيد وأبي الدرداء وأبي سعيد والبراء وفاطمة بنت قيس وغيرهم، وألّف في ذلك جمع من العلماء آخرهم الحافظ السيوطي كتابه «الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة» وقال عروة بن الزبير: ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام، والعلم والشعر والطب من عائشة. وقال مسروق: لقد رأيت الصحابة يسألون عائشة عن الفرائض.
رواهما الحاكم، وكذلك بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، والنساء الصحابيات كأم سليم وأم الدرداء وفاطمة بنت قيس، وسائر النساء الصالحات والعارفات، كرابعة العدوية ورابعة الشامية وشقوانة فإنهم كانوا يأخذون العلم والأدب والزهد عنهن، كما كانوا يحملونه عن الرجال، كما يؤخذ ذلك من سيرهن المذكورة في كتب الحديث والتاريخ. وقد رئي من اجتهادهن في العبادة وتدقيقهن في الورع، ما عجزت عنه الرجال اهـ منه.
وقد ثبت عن كثير من نساء أهل الصحراء الأفريقية خصوصا شنقيط موريتانيا وتنبكتو وكنت العجب، حتى جاء أن الشيخ المختار الكنتي الشهير صاحب الطريقة الشهيرة به ختم المختصر الخليلي يوما للرجال وختمته زوجته في جهة أخرى للنساء، وفيهما ألف ولدهما الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن الشيخ المختار كتابه «الطريفة والتالدة في مناقب الشيخ الوالد والشيخة الوالدة» وهو في مجلد ضخم، وانظر الكلام على حكم تعليم النساء في شرح المجاجي على مختصر بن أبي جمرة للصحيح، والآداب الكبرى لابن مفلح الحنبلي، ورسالة عصرينا محدث الهند الشيخ محمد شمس الحق الألهابادي المسماة: عقود الجمان في جواز الكتابة للنسوان، وهي مطبوعة وشرح الوغليسية لزرّوق، وشرح أبي علي بن رحال على المختصر، ثم كتاب الدر المنثور في طبقات ربات الخدور، لإحدى الكاتبات المصريات المتأخرات زينب بنت فواز وهو في مجلد ضخم، ويعجبني أن أثبت هنا قول عصرينا الشاعر المصري المشهور وهو الشيخ مصطفى صادق الرافعي «١» :
يا قوم لم تخلق بنات الورى ... للدرس والطرس وقال وقيل
لنا علوم ولها غيرها ... فعلموها كيف نشر الغسيل
والثوب والإبرة في كفها ... طرس عليه كل خط جميل
(١) إعجاب المؤلف بأبيات الرافعي فيها عجب، فقد ذكر النقيضين، فهو من جهة يؤيد تعليم النساء ومرة أخرى يعجب بمن يعارض ذلك؟. مصححه.