للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ٣٨٦، تزعم العامة أنه جحا الذي تضرب أمثاله في الجد والهزل، وللإمام الزبير بن بكار كتاب الفكاهة والمزاح، وللقاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي كتاب: النوادر والأخبار، وللحافظ أبي الشيخ الأصبهاني كتاب النوادر والنتف، وللحافظ تمام بن محمد الرازي كتاب، النوادر ولد علج كتاب النوادر، ذكر هذه المصنفات الشيخ عابد السندي في حصر الشارد. انظرها في حرف الفاء والنون منه.

[المقصد الثاني]

فيما حازه أصحابه عليه السلام من السبقيات وما تميز به أفرادهم من علو المدارك والكيفيات مما يعرفك أن المدينة المنورة كانت في الزمن الأول مجموعة مهولة بصنوف واختلاف الأعمال والأفكار والصفات والأشغال الحياتية التي لا بد منها في كل مصر واتخذ عاصمة لمدنية عظمى سادت على العالم في أقرب وقت وما وصل إليه ذلك العصر الزاهر والمصر الطاهر من الاختلاط والإختلاف في الأحوال والإتفاق في الآمال وإنه من أندر ما حفظه التاريخ عن الأجيال والدهور وفيه أبواب:

باب [في اجتهاد الصحابة]

(في أن الصحابة كانوا أهل اجتهاد في الأحكام وقدرة على استنباطها والتبصر بمواقع الخطابات التشريعية ومحاملها.

قال الإمام أبو بكر أحمد بن علي الجصاص في أحكام القرآن على قوله تعالى:

وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: ١٥٩] في الآية ضروب من الفوائد، منها إشعاره بمنزلة الصحابة، وأنهم أهل الإجتهاد، وجائز اتباع آرائهم، إذ وفقهم الله إلى المنزلة التي يشاورهم المصطفى فيها، ويرضى اجتهادهم، وتحريهم لموافقة النصوص من أحكام الله، ومنها أن ضمائرهم مرضية عند الله، ولولا ذلك لم يأمره بمشاورتهم، فدل ذلك على يقينهم، وصحة إيمانهم، وعلى منزلتهم في العلم. اهـ.

وانظر أحكام الجصاص في قوله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: ٥٩] .

وقال الإمام تقي الدين السبكي، في طالعة كتاب الإبتهاج في شرح المنهاج، بعد أن بيّن عظمة أصول الفقه ومنزلته، وأنه مادة الإجتهاد: فإن قلت: قد كان العلماء في الصحابة والتابعين من أكابر المجتهدين، ولم يكن هذا العلم حتى جاء الشافعي فكيف يجعله شرطا في الإجتهاد؟

قلت: الصحابة ومن بعدهم كانوا عارفين بطباعهم، كما كانوا عارفين بالنحو بطباعهم، قبل مجيء الخليل وسيبويه، وكانت ألسنتهم قوية وأذهانهم مستقيمة، وفهمهم لظاهر كلام العرب ودقيقه عتيد، لأنهم أهله الذين يؤخذ عنهم، وأما بعدهم فقد فسدت الألسن وتغيرت الفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>