للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحح جلدهم. وفي الطبراني عن عائشة عن عبد الله بن أبي جلد مائة وستين، قال عبد الله بن عمر: وهكذا يفعل في كل من قذف زوجة نبي اه.

[التأديب بالنفي]

نفي عليه السلام الحكم بن أبي العاص إلى الطائف، لكونه حاكاه في مشيته، وفي بعض حركاته فسبه وطرده وقال له: كذلك فلتكن، فكان الحكم متخلجا يرتعش. وقد عير عبد الرحمن بن ثابت مروان بن الحكم بذلك فقال يهجوه:

إن اللعين أبوه فارم عظامه ... إن ترم ترم مخلجا مجنونا

يمشي خميص البطن من عمل التقى ... ويظل من عمل الخبيث بطينا

قال ابن إبراهيم الوزير في الروض الباسم: ولم يخبر عليه السلام أهل الطائف أنه يحرم عليهم مجاورة الحكم، ويجب عليهم نفيه. وهم مسلمون ممتثلون لأوامره اهـ وفي زمان سيدنا عثمان رده إلى المدينة قيل: بنص عنده في ذلك، وقيل: لأجل القرابة وبلوغ العقوبة حدّها.

[الأدب بالهجران]

في الصحيح أن في غزوة تبوك تخلف عنه صلى الله عليه وسلم عن غير شك في الدين ولا ارتياب:

كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، لا يتهمون في إسلامهم، ثم لحقوا به عليه السلام يعتذرون ويحلفون فصفح عنهم، ولم يعذرهم. وقال للصحابة: لا تكلمنّ أحدا من هؤلاء الثلاثة، يعني كعبا وصاحبيه. فبقوا خمسين ليلة، على ما هو مبسوط في السيرة، والصحيحين من حديث كعب «١» بطوله حتى تاب الله عليهم، وقد قاسوا من هجر المصطفى وأصحابه لهم ما أخبر عنه القرآن بقوله: ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ [التوبة: ١٨] قوله تعالى: بما رحبت أي مع رحبها، أي سعتها فلا يجدون مكانا يطمئنون إليه قلقا وجزعا تمثل لحيرتهم في أمرهم، وضاقت عليهم أنفسهم، قلوبهم للغم والوحشة بتأخير توبتهم، فلا يسعها سرور ولا أنس.

وفي حديث كعب: حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف وفي رواية: وتنكرت لنا الحيطان، حتى ما هي بالحيطان التي نعرف. وهذا يجده الحزين والمهموم في كل شيء، حتى قد يجده في نفسه. وعند ابن عائد: حتى وجلوا أشد الوجل، وصاروا مثل الرهبان. وللبيهقي في الدلائل قال: كانوا عشرة رهط، تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فلما رجع صلى الله عليه وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري


(١) انظر صحيح البخاري ج ٥ ص ١٣٠ من كتاب المغازي باب ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>