خصوصا حين نهضة الأمم الإسلامية الأخيرة، وما جادت به المطابع وما سهلته مخترعات العصر من أدوات الانتقال والرحلة بما أصبحت به يسيرة، بعد أن كانت شاقة كثيرة، وآمادها وأيامها كبيرة، فانتهزت فرصة من فرص الزمان الذي كان بها قبل بخل وضنّ، وجمعت هذه الرسالة التي استغرقت فيها أربعة أشهر أو أزيد، وطالعت عليها جل مكتبتي التي فيها والحمد لله ما هو أجمع وأفيد، فجاءت في الجمع أكبر آية والغاية القصوى التي يتطلبها أهل البادية والنهاية، أتيت فيها على جميع النافع من كتاب التخريج، وزدت عليه ما هو أمتع وأنفع من الزهر الأريج، مقدما قبل نجواي ما سبق وآتيا بمقدمتين الأولى في التعريف بكتاب التخريج ومؤلفه، وذكر اصطلاحه ومقصده وغايته ومادته، لخلو أكثر الدواوين من التعريف به، وجهل جملة أهل العصر به، لولا أفراد استرقوا السمع مني، ثم أدلوا بما سمعوا هنالك مظهرين أنهم استغنوا عني في ذلك، وإلا فهم بين قن وخادم لولا أنا ما ذهبوا ولا جاؤوا، ولبقوا في خمول أصحاب الماثم على أن من تطور على غير شكله فإنما شهد بخساسة أصله، ومن لبس حلية غيره مولول بأنه متشبع بما لم يعطه سيان في فرضه أو نفله.
الثانية: في ذكر برنامج [فهرس المطالب] الكتابين لتظهر خدمة السابقين واللاحقين للفئتين فأقول والله المستعان.
[اسم مؤلف كتاب التخريج ونسبه وبلده]
مؤلفه أبو الحسن علي بن ذي الوزارتين محمد بن أحمد بن موسى بن مسعود بن موسى بن أبي غفرة الخزاعي. ترجمه ابن القاضي في درة الحجال التي ذيل بها تاريخ ابن خلكان وكتابه الآخر جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الاعلام بمدينة فاس، فأما الدرة فقال فيها: علي بن مسعود الخزاعي التلمساني ولم يزد على ذلك في نسبه شيئا. وفي الجذوة قال: علي بن ذي الوزارتين محمد بن مسعود الخزاعي التلمساني المولد، الفاسي الوفاة، الأندلسي الأدب والسلف، وقد بحثت عن اسم والده ذي الوزارتين محمد بن مسعود الخزاعي وترجمته في كثير من المصنفات، فلم أوفق للعثور عليها إلى الآن، ثم وجدت تحليته في ترجمة ابنه أبي الحسن من كتاب مستودع العلامة لابن الأحمر فوصفه:
بذي الوزارتين القائد الفقيه الكاتب، صاحب الأشغال السلطانية محمد بن الفقيه القاضي موسى بن مسعود الخزاعي، قال: جمع أبوه بين الخطتين السيف والقلم، وكان رسوخ قدمه في الفروسية والعلم أثبت من علم، وكان من آبائه بالأندلس جملة قضاة وأرباب تحصيل العلوم، وحلل مرتضاة وعبر البحر منهم للعدوة [شاطىء المغرب] فاستقر بتلمسان، فقلد بها الوزارة والقيادة والكتابة، إذ نجم منه الإحسان. والخزاعي كما في لب اللباب في تحرير الأنساب للحافظ الأسيوطي نسبة إلي خزاعة قبيلة من الأزد اهـ. وفي القاموس: خزاعة حي من الأزد، سمّوا بذلك لأنهم تخزعوا من قومهم، وأقاموا بمكة اهـ.