وذكر في طبقات ابن سعد لدى كلامه على وفد بني حنيفة، فأنزلوا دار رملة بنت الحارث، وأجريت عليهم ضيافة فكانوا يؤتون بغداء وعشاء. مرة خبزا ولحما ومرة خبزا ولبنا ومرة خبزا وسمنا.
وفي المواهب: وقدوم الوفد المذكور، وفد بني حنيفة وفيهم مسيلمة الكذاب، فكان منزلهم في دار امرأة من الأنصار، من بني النجار. قال الزرقاني: منزلهم بفتح الميم والزاي مصدر ميمي أي نزولهم مضاف لفاعله، ويجوز ضم الميم مع فتح الزاي أيضا من إضافة المصدر لمفعوله فيفيد أن النبي أو أحد أصحابه أمر بإنزالهم.
وقد ضبط البرهان الزاي بالفتح وسكت عن الميم فيشمل الضبطين، وإن كسر الزاي مع فتح الميم اسم للموضع، فكأنه ليس مرادا هنا لإيهامه موضعا معينا من الدار مع أن المراد مجرد النزول دون تعيين محل، وقوله: في دار امرأة من الأنصار من بني النجار، هي كما قال الحافظ رملة بنت الحدث بدال بعد الحاء المهملة لابراء قبلها ألف كما عند ابن سعيد وغيره، والحدث هو ابن ثعلبة بن الحدث بن زيد الأنصارية، كانت دارها دار الوفود، وهي صحابية زوجة معاذ بن عفراء. انظر الفتح ومقدمته، والرد على السهيلي في زعمه خلاف ذلك وما سبق عن الزرقاني من أنها رملة بنت الحدث بالدال ربما ينافي ما سبق مكررا من أنها بنت الحارث بالراء وقد ذكر في الإصابة والدها بالوجهين راجع ترجمتها في ص ٨٤ من جزء النساء.
وقد جرى على ذلك سيدنا عمر فإنه أقام في خلافته دور الضيافة، وأدار عليها الأرزاق وجعل فيها الدقيق والسويق والتمر، وما يحتاج إليه، يعين به المنقطع. ووضع فيما بين مكة والمدينة في الطريق ما يصلح من ينقطع به، وفعل مثل ذلك بين الشام والحجاز انظر سيرته رضي الله عنه.
[فصل في انزال الوفد في قبة ضربت لهم في زمانه عليه السلام]
«قال ابن إسحاق في السيرة: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك في رمضان، وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف، وذكر حديث قدومهم، وفيه: ولما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عليهم قبة في ناحية مسجده، كما يزعمون، فكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ساق قصة هؤلاء في الإصابة في ترجمة سعيد بن رفاعة الثقفي، وعزاها لابن منده، وفيها أيضا في ترجمة علقمة بن سفيان عن تخريج يونس بن بكير في زيادات المغازي عن علقمة قال: كنت في الوفد من ثقيف، فضربت لنا قبة فكان بلال يأتينا بفطرنا من عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أخرجه البغوي والطبراني من طريق يونس. قال الزرقاني في باب الوفود من شرح المواهب، على قوله: ضرب عليهم قبة، أي خيمة في ناحية المسجد، لكي يسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا.