للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخ يلزم ابن رشد أن الدابة إذا حمّلها مالكها ما لا تطيقه من الحمل أو اشتغل يعذبها عذابا شديدا، فلا فائدة أنه لا يقضى على المالك بترك ذلك، وأنه يترك هو واياها ويؤمر بتقوى الله فيها فقط. وذلك لا يحل أصلا مع مخالفة ذلك لكلام الناس، وحديث: (في كل ذي كبد رطبة أجر) رأيت أبا عمر قال: يلزم عليه أن الاساءة إليه فيها وزر، والوزر منكر، والمنكر يجب تغييره كما أشار إليه ابن عرفة، ولو كان الناس يزجرون بقول الإمام لهم:

اتقوا الله في كذا ما شرعت الزواجر والقتل والسجون والتعزيرات الخ. كلام أبي علي بن رحال انظره لدى قول خ: إنما تجب نفقة رقيقة ودابته ما لم يكن مرعى، وإلا بيع كتكليفه من العمل ما لا يطيق، ويجوز من لبنها ما لا يضر نتاجها. فإن أبا علي جلب وحطب من الأنقال في المسألة ما يسوغ لنا أن نجعله في طليعة جمعيات الرفق بالحيوان العجم يتخذونه قدوة ونعم الأسوة، وإنما أطلت القول هنا لتعلم أن أهل الإسلام قبل بقرون تفطنوا لما تظاهرت به الآن، جميعات الرفق بالحيوان في أوروبا فخذه شاكرا.

(لطيفة) كانت بالمدينة على عهد مالك رضي الله عنه دار تعرف بدار قدامة، كان الناس يلعبون فيها بالحمام، وهي التي أشار إليها مالك حيث عاب على تلميذه ابن الماجشون سؤاله عن مسألة واضحة فقال له: أتعرف دار قدامة. قال ابن حارثة: كانت لابن الماجشون نفس أبية؛ كلّمه مالك يوما بكلمة خشنة فهجره عاما كاملا، استبعد عليه الفرق بين مسألتين فقال له: أتعرف دار قدامة؟ وكانت دارا يلعب فيها الأحداث بالحمام. وقال البرزلي قيل: إن مالكا رمى عبد الملك بدار قدامة، لأنه نسبه للصغر واللعب انظر تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطّاب وفتاوي الشيخ عليش ص ٢٦٧ ج ١.

[اتخاذ الوحش في المسكن]

في مسند أحمد ص ١١٢ من ج ٦ عن عائشة قالت: كان لآل النبي صلى الله عليه وسلم وحش، فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب واشتد، وأقبل وأدبر، فإذا أحسّ برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض، فلم يرمرم ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت كراهية أن يؤذيه.

وروى ابن عدي عن جابر رفعه: إذا كان أحدكم في بيته وحده خاليا فليتخذ فيه زوج حمام. وروى الطبراني بسند جيد عن عبادة بن الصامت قال: اشتكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحشة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتخذ زوجا من حمام.

وروى ابن السني وابن عساكر عن معاذ بن جبل؛ أن عليا كرم الله وجهه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الوحشة، فأمره أن يتخذ زوج حمام. ويذكر الله في هديره. وروى وكيع في الغرر وابن عدي عن علي أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الوحشة فقال له: ألا اتخذت زوجا من حمام، فانسك وأكلت من فراخه، أو اتخذت ديكا فانسك وأيقظك للصلاة.

مهمة في طبقات ابن سعد عن جابر بن عبد الله: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كلاب المدينة، فأتاه ابن أم مكتوم فقال: يا رسول الله إن منزلي شاسع، وأنا مكفوف البصر ولي كلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>