يقع التسعير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، لأنه لم يكن عندهم من يطحن ويخبز بكراء ولا من يبيع طحينا وخبزا بل كانوا يشترون الحب ويطحنونه ويخبزونه في بيوتهم اهـ. منه ٢٣٣.
[هل كانت الأقراص النبوية صغارا]
في المواهب وشرحها وقد تتبعت، هل كانت أقراص خبز النبي صلى الله عليه وسلم صغارا أم كبارا، فلم أجد شيئا في ذلك بعد التفتيش، نعم: روي أمره بتصغيرها في حديث عند الديلمي عن عائشة رفعته بلفظ: صغروا الخبز وأكثروا عدده يبارك لكم فيه، وهو واه بحيث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات. وقال: إن المتهم به جابر بن سليم. وروي عن ابن عمر رفعه:
البركة في صغر القرص. ونقل عن النسائي أنه كذب.
لكن روى البزار والطبراني في الكبير بسند ضعيف، كما قال الحافظ ابن حجر. وقال شيخه النور الهيثمي: فيه أبو بكر بن مريم، وقد اختلط وبقية رجاله ثقات عن أبي الدرداء مرفوع: قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه. قال في النهاية وحكى عن الأوزاعي أنه تصغير الأرغفة، وكذا حكى البزار عن إبراهيم بن عبد الله، عن بعض أهل العلم، أنه تصغير الأرغفة أشار إلى ذلك السخاوي في المقاصد.
وفي باب ما يستحب من الكيل من فتح الباري على قوله عليه السلام: كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه. قيل: في مسند البزار أن المراد بكيل الطعام تصغير الأرغفة، ولم أتحقق ذلك ولا خلافه اهـ.
وفي موضوعات علي القاري؛ نقلا عن الزركشي حديث: الأمر بتصغير اللقمة، وتدقيق اللقمة، قال النووي لا يصح اهـ وفي منظومة إبن العماد في آداب الأكل والطعام:
قالوا وما صح في طحن الطعام ولا ... تصغير لقمته شيء لذي أكل
اهـ وأنت تعلم أن نفي الصحة لا يستلزم ما عداها. ثم قال في المواهب: ولعل هذا مستند أبي إسحاق إبراهيم المتبولي في تصغيره أرغفة سماطه كالشيخ أبي العباس البدوي والسادات الوفائية اهـ.
وفي شرح المنتهى من كتب الفقه الحنبلي للشيخ منصور البهوتي الحنبلي، وعن أحمد: الخبز الكبار ليس فيه بركة، وذكر معمر أن أبا أسامة قدم لهم طعاما، فكسر الخبز قال أحمد لئلا يعرفوا كم يأكلون اهـ منه وإلى مضمون كلام القسطلاني في المواهب أشار صاحب المقالات السنية فإنه بعد أن ذكر حديث «صغروا طعامكم يبارك لكم فيه» «١» قال:
روى الحديث بإسناد به ضعف ... عزا الرواية للأوزاعي ذي الرسم
(١) قال في كشف الخفاء بعد ما ذكر حديث: صغروا الخبز وأكثروا عدده يبارك لكم فيه بأنه رواه الديلمي عن عائشة مرفوعا بسند واه. وعدّه ابن الجوزي في الموضوعات. ونقل أقوال العلماء في بطلان أصل الحديث.