على قوله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ [الإسراء: ١٢] الآية أصل في علم المواقيت والهيئة والتاريخ اهـ وفيه أيضا على قوله تعالى: وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ [يونس: ٥] أصل في علم التوقيت والحساب ومنازل القمر والتاريخ اهـ وقد أخرج أبو الشيخ بسند فيه مجهول عن ابن الزبير قال: أخذ الأذان من أذان إبراهيم: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [الحج: ٢٧] فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ زرّوق في حواشي الصحيح: لا يبعد أن يكون أحد المقويات لرؤياهم حتى سكن إليها دون آرائهم المتقدمة إذ لا منافاة، وسواء قلنا: جاء به الوحي أم لا. لإحتمال أن يكون الوحي ورد بعد ذلك؛ مؤكدا لما عندهم من الرؤيا والنظر اهـ.
وفي خطط مصر للتقي المقريزي، قال أبو عمرو الكندي: في ذكر من عرف على المؤذّنين بجامع عمرو بن العاص بمصر: كان أول من عرف على المؤذّنين: أبو مسلم سالم بن عامر بن عبد المرادي وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أذن لعمر، ثم عرف أخوه شرحبيل بن عامر، وكانت له صحبة. وذكر عن عثمان أنه أول من رزق المؤذّنين.
على أي شيء كانوا يؤذّنون
في كتاب الجمعة من تشنيف السامع على قول الراوي في الصحيح: فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء، والزوراء قيل إنه مرتفع كالمنارة، وفي النزهة الثمينة في أخبار المدينة لإبن النحاس: وروى ابن إسحاق أن إمرأة من بني النجار قالت:
كان بيتي أطول من بيت حذاء المسجد، وكان بلال يؤذّن عليه الفجر كل غداة، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينتظر الفجر، فإذا رآه تمطى ثم قال: اللهم أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا دينك قالت: ثم يؤذّن، وذكر أهل السير أن بلالا كان يؤذّن على أسطوان في قبلة المسجد، يرقي إليها بأقتاب فيها، وكانت خارجة من المسجد، وهي قائمة إلى الآن في مسجد عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وروى نافع عن ابن عمر قال: كان بلال يؤذّن على منارة في دار حفصة بنت عمر التي تلي المسجد. قال: فكان يرقى على أقتاب فيها. وكانت خارجة من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تكن فيه وليست فيه اليوم، وفي غير النزهة: إنه لم يكن منار في زمانه عليه السلام وإنما هو من سنة الصحابة، وكانوا في عهده يؤذّنون عند باب المسجد لا بين يدي الإمام.
فإنما فعله هشام وذلك مكروه لأنه محدث أحدثه هشام. كما نقل الذي كان بالزوراء إلى المسجد اهـ ونحوه في الوفاء للسيد السمهوني قائلا: يظهر من سياق ما سبق له: أن أول ما جعل المنار في المسجد كان في زيادة الوليد، ثم لما ذكر ما سبق من أن بلالا كان يؤذّن على منارة في دار حفصة قال: الظاهر أن الراوي تجوّز في تسميته الأسطوان منارة. على أن الراوي لذلك إحترقت كتبه، فكان يروي من حفظه فذكره. والظاهر أن عمر وعثمان لم يتخذا منارة وإلا لنقل اهـ.