للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخرج أحمد «١» والترمذي عن ابن عباس وأحمد والحاكم عن عبادة بن الصامت رفعاه: ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولم يرحم صغيرنا ولم يعرف لعالمنا حقه.

[باب في إنزال النبي ص الناس ساعة التعليم منازلهم من تقديم الأكثر علما أو سنا]

ذكره أبو نعيم واستدل له بحديث الصحيح «٢» عن ابن مسعود قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، وبحديث سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليقم الأعراب خلف المهاجرين والأنصار، ليقتدوا به وفي سيرة مالك: من أمره بالتخلق بهذا الأدب، وأخذه أصحابه بالاستعمال له في مجالس تدريسه عبرة، وقد ذكر تفاريع هذه الترجمة، وصورها ابن العربي في الأحكام: منها مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، والتفسح فيه بالهجرة والعلم، ومنها: مجلس الجمعة والتفسح فيه بالبكور إلى ما يلي الإمام، ومنها:

مجلس الحرب يتقدم فيه ذو النجدة والمراس من الناس، ومنها مجلس الرأي والمشورة، يتقدم فيه من له بصر بالشؤون، وهو داخل في مجلس الذكر بوجه. قال: وكل ذلك يتضمنه قوله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [المجادلة: ١١] فيرتفع المرء بإيمانه أولا، ثم بعلمه ثانيا. وفي الصحيح «٣» أن عمر بن الخطاب كان يقدم ابن عباس، فكلموه في ذلك فدعاهم ودعاه، وسألهم عن تفسير: إذا جاء نصر الله والفتح فسكتوا. فقال ابن عباس: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه الله إياه، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما يعلم.

[باب رحلة الصحابة في طلب العلم أو رغبة في علو السند]

قال القاضي ابن العربي المعافري: إن موسى عليه السلام أول من رحل في طلب العلم من أهل الشرائع، وقال الغزالي: قلّ مذكور في العلم محصّل، من زمان الصحابة إلى زماننا هذا إلا وحصل العلم بالسفر، وسافر لأجله اهـ.

والأمر بالرحلة في الجملة وقع في القرآن في قوله تعالى: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة ١٢٢] وذكر ابن عبد البر عن مالك بن دينار قال: أوحى الله إلى موسى أن أتخذ نعلين من حديد، ثم اطلب العلم حتى تخرق نعليك، وتنكسر عصاك. وبوّب البخاري في صحيحه:


(١) انظره في الجزء الأول ص ٢٥٧ والإسلامي ص ٣٢٠ وأوله: ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من حديث ابن عباس وثمة روايات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(٢) رواه مسلم في كتاب الصلاة باب ٢٨ رقمه ١٢٢ ص ٣٢٣ ج ١.
(٣) انظر كتاب تفسير القرآن، ج ٦ ص ٩٤، سورة النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>