للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جلب الجبن الرومي وأكله عليه السلام منه وقطعه بالسكين]

في حديث أبي داود «١» من حديث ابن عمر قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في تبوك. قال الزرقاني في شرح المواهب من عمل النصارى فقيل: هذا تصنعه المجوس، فدعا بسكين فسمى وقطع، وعبارة الشبراملسي عليها أيضا فسمى وقطع، أي ولم ينظر لكونه من عمل النصاري. وروى الطيالسي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة رأى جبنة فقال: ما هذا قالوا: طعام يصنع بأرض العجم. فقال ضعوا فيه السكين وكلوا.

وروى أحمد والبيهقي عنه: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في غزوة تبوك فقال: أين صنعت هذه؟ قالوا: بفارس ونحن نرى أنه يجعل فيها ميتة. فقال صلى الله عليه وسلم: إطعنوا فيها بالسكين، واذكروا اسم الله تعالى وكلوا «٢» .

قال الخطابي: أباحه صلى الله عليه وسلم على ظاهر الحال، ولم يمتنع من أكله لأجل مشاركة المسلمين في عمله، وتعقبه المقريزي بتوقفه على نقل، إذ لم يكن بفارس والشام حينئذ أحد «٣» من المسلمين، قال الحافظ الشامي وهو ظاهر لا شك فيه.

[اختياره عليه السلام محل السوق]

روى الطبراني من طريق الحسن بن علي بن الحسن ابن أبي الحسن أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت موضعا للسوق أفلا تنظر إليه؟ قال: بلى، فقام معه حتى جاء موضع السوق، فلما رآه أعجبه وركض برجله وقال: نعم سوقكم هذا، فلا ينقص ولا يضربن عليكم خراج.

ورواه ابن ماجه بلفظ: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق النبيط فنظر إليه فقال: ليس هذا لكم بسوق، ثم رجع إلى هذا السوق فطاف فيه ثم قال: هذا سوقكم، فلا ينتقصن ولا يضرب عليه خراج «٤» .

[باب الأسواق التي كانت في الجاهلية فتبايع الناس بها في الإسلام]

هكذا ترجم البخاري «٥» في كتاب البيوع من الصحيح، ثم أخرج فيها عن ابن عباس قال: كانت عكاظ ومجنّة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها، فأنزل الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ [البقرة: ١٩٨] في مواسم الحج أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ قرأ ابن عباس كذا أي بزيادة مواسم الحج. وفي الإرشاد قال ابن


(١) انظر كتاب الأطعمة باب ٣٨ ج ٤/ ١٦٩.
(٢) في المسند ج ١ ص ٣٠٢ عن ابن عباس وهو في الصفحة ٣٧٦ من طبعة المكتب الإسلامي.
(٣) كذا في الأصل. والسياق يقتضي أن يكون المعنى: والشام أقرب إلى المدينة من فارس.
(٤) ابن ماجه ص ٧٥١/ ٢.
(٥) انظر كتاب البيوع ج ٣/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>