عن جميلة أم ولد أنس بن مالك قالت: كان ثابت إذا أتى أنسا قال: (أي أنس) يا جارية: هات لي طيبا أمسح يدي، فإن ثابتا لا يرضى حتى يقبّل يدي، رواه أبو يعلى ورجاله موثقون، قاله السيد السمهودي في جواهر العقدين.
باب من قبّل من الصحابة يد تلميذه لكونه من أهل البيت
أخرج ابن عساكر، عن عمار بن أبي عمار أن زيد بن ثابت، ركب يوما فأخذ ابن عباس بركابه فقال، تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا، فقال زيد: أرني يدك فأخرج يده فقبّلها. وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا. أورده في مناقب زيد من كنز العمال بهذا اللفظ وأورد أيضا عن ابن النجار: أنه أخرج عن ابن عباس أنه أخذ بركاب زيد بن ثابت، ثم قال: أمرنا أن نأخذ بركاب معلمينا وذوي أسناننا.
قال شيخ بعض شيوخنا، محدث الحجاز ومسنده الشيخ محمد عابد السندي في رسالته، في تقبيل اليد: قول زيد هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا، يؤخذ منه أن تقبيل يد ذي الشرف مأمور به من النبي صلى الله عليه وسلم، لأن قول الصحابي أمرنا له حكم الرفع؛ إذ ليس له آمر غير النبي صلى الله عليه وسلم. كما حققه ابن الصلاح والحافظ ابن حجر، وكلما كان مأمورا به من النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يفعله كان آثما، فكل من لم يقبل يد ذي شرف، كان آثما مخالفا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [النور: ٦٣] فإذا كانت هذه الحالة لمن لم يقبل، فما ظنك بمن أنكر التقبيل رأسا، كان إثمه أكثر، ووزره أوفر اهـ.
وقد أفرد الحافظ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقري جزآ في تقبيل اليد وما ورد فيه، ولي رسالة أفردتها فيمن قبّل يد النبي صلى الله عليه وسلم، وللشيخ محمد عابد السندي الأنصاري في الباب رسالة نفيسة وهي عندي.
[باب صحابي قال فيه عمر: حق على كل مسلم أن يقبل رأسه]
أخرج البيهقي في الشعب، وابن عساكر عن أبي رافع قال: وجّه عمر بن الخطاب جيشا إلى الروم، وفيهم رجل يقال له عبد الله بن حذافة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأسره القوم فذهبوا به إلى ملكهم فقالوا له: إن هذا من أصحاب محمد، فقال له الطاغية: هل لك أن تنتصر وأشركك في ملكي وسلطاني، فقال له عبد الله: ولو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ما ملكته العرب، على أن أرجع عن دين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما فعلت، قال: إذا أقتلك. قال: أنت وذاك. فأمر به فصلب، وقال للرماة: ارموه قريبا من يديه، قريبا من رجليه، وهو يعرض عليه، وهو يأبى، ثم أمر به فأنزل، ثم دعا بقدر فصبّ