ويعلم الناس معالم الحج وسننه وفرائضه، وينهى الناس أن يصلي الرجل في ثوب واحد صغيرا، إلّا أن يكون واسعا فيخالف بين طرفيه على عاتقيه، وينهى أن يحتبي الرجل في ثوب واحد، ويفضي إلى السماء بفرجه، ولا يعقد شعر رأسه إذا غفا في قفاه، وينهى الناس إذا كان بينهم هيج أن يدعو إلى القبائل والعشائر، وليكن دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له، فمن لم يدع إلى الله ودعا إلى العشائر والقبائل فليقطفوا بالسيف، حتى يكون دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له، ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق، وأرجلهم إلى الكعبين، وأن يمسحوا رؤوسهم كما أمرهم الله، وأمره بالصلاة لوقتها، وإتمام الركوع والخشوع، وأن يغلس بالصبح ويهجر بالهاجرة حين تميل الشمس، وصلاة العصر- والشمس في الأرض مدبرة- والمغرب حين يقبل الليل، لا تؤخر حتى تبدو النجوم في السماء، والعشاء أول الليل، وأمرهم بالسعي إلى الجمعة إذا نودي بها، والغسل عند الرواح إليها، وأمره أن يأخذ من الغنائم خمس الله، وما كتبه الله على المؤمنين في الصدقة، من العقار فيما سقت السماء العشر، وفيما سقت الغرب نصف العشر، وفي كل عشر من الإبل شاتان، وفي كل عشرين أربع وفي كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة، جذع أو جذعة وفي كل أربعين من الغنم سائمة شاة، فإنها فريضة الله التي افترضها على المؤمنين في الصدقة، فمن زاد فهو خير له، وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خالصا من نفسه فدان دين الإسلام، فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم، ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لا يغيّر عنها وعلى كل حالم ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو عوضه من الثياب، فمن أدّى ذلك فإن له ذمة الله وذمة رسوله، ومن منع ذلك فإنه عدو الله ورسوله والمؤمنين جميعا، صلوات الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته» .
قال البيهقي: وقد روى سليمان بن داود عن الزهري، عن أبي بكر عن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده هذا الحديث، موصولا بزيادات كثيرة في الزكاة والديات وغير ذلك، ونقصان عن بعض ما ذكرناه، قلت وسأسوقه في كتاب العقول اهـ كلام السيوطي.
قلت: يستفاد من طبقات ابن سعد أن كاتب كتاب عمرو بن حزم هذا أبي بن كعب رضي الله عنه [انظر ص ٢٠٧ من كتاب الوثائق السياسية] .
[ما كتبه عليه السلام ولم يخرجه]
خرّج أبو داود عن ابن عمر أن المصطفى عليه السلام كتب كتاب الصدقات ولم يخرجه، فعمل به أبو بكر ثم عمر. «تتمة» أخرج ابن سعد في الطبقات عن مسلم بن الحارث التميمي الصحابي، نزيل الشام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له بعد رجوعه من سرية: تلطف إلى أن لم يرق فيها دم فشكر ذلك له المصطفى، وقال له؛ أكتب لك كتابا أوصي بك أيمة المسلمين بعدي، فكتب لي كتابا وختمه، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم أتيت أبا بكر بالكتاب، ففضه