للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدام ثمنه، فقيل له: سبحان الله أتبيع اللبن وتقبض الثمن؟ قال: نعم. وما بأس بذلك.

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليأتين على الناس زمان لا ينفع إلا الدينار والدرهم، أورده التبريزي في المشكاة وعزاه لأحمد «١» قال القاري: عليها نقل عن الطيبي معناه: لا ينفع الناس إلا التكسب إذ لو تركوه لوقعوا في الحرام.

كما روي عن بعضهم أنه قيل له: إن التكسب يدنيك من الدنيا فقال: لئن أدناني من الدنيا فقد صانني عنها، وكان السلف يقولون: اتجروا واكتسبوا فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه، وروي عن سفيان وكانت له بضاعة يقلبها ويقول: لولا هذه [الدنانير] لتمندل بي بنو العباس، أي جعلوني كالمنديل يمسحون بي أوساخهم اهـ.

[الحداد]

«في الصحيح عن أنس بن مالك قال دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين وكان ظئرا لإبراهيم (والدا له من الرضاعة) لأن زوجته أم بردة أرضعته بلبنه، وفي الإستيعاب، قال أنس في قصة موت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق عليه السلام وانطلقت معا فصادفنا أبا سيف ينفخ في كيره، وقد امتلأ البيت دخانا فأسرعت المشي أمام النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتهيت إلى أبي سيف فقلت: يا أبا سيف أمسك، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك القصة» .

ترجم البخاري في الصحيح باب ذكر القين والحداد «٢» قال الحافظ بفتح القاف، وقال ابن دريد: أصل القين الحداد ثم صار كل صانع عند العرب قينا، وقال الزجّاج: القين الذي يصلح الأسنة، والقين أيضا الحداد. وكان البخاري اعتمد القول الصائر إلى التغاير بينهما، وليس في الحديث الذي أورده في الباب إلا ذكر القين، وكأنه ألحق الحداد به في الترجمة لاشتراكهما في الحكم اهـ.

والحديث الذي ذكره البخاري عن خبّاب قال؛ كنت قينا في الجاهلية وكان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد فقلت: لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث «٣» القصة.

وقال العيني في العمدة: قال مقاتل: صاغ خبّاب للعاص شيئا من الحلي، فلما طلب منه الأجر قال: أنتم تزعمون أن في الجنة الحرير والذهب والفضة والولدان. قال خباب:

نعم قال: العاصي فميعاد ما بيننا الجنة. وقال الواحدي وقال الكلبي ومقاتل: كان خباب قينا اهـ ثم قال العيني وفي الحديث: أن الحداد لا يضره مهنة صناعته إذا كان عدلا.

قال أبو العتاهية:

ألا إنما التقوى هو العز والكرم ... وحبّك للدنيا هو الذل والعدم


(١) انظره في المسند ج ٤ ص ١٨٣ من طبعة المكتب الإسلامي وص ١٣٣ ج ٤ من الطبعة الأولى.
(٢) انظر كتاب البيوع ج ٣ ص ١٣ باب ٢٩.
(٣) انظر كتاب البيوع ج ٣ ص ١٣ باب ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>