ناله، ثم صارت البيعة كسروية من تقبيل الأرض، أو الرجل أو الذيل استغناء عن المصافحة، لما فيها من التنزل والابتذال المنافيين للرياسة، وصون الرتبة السلطانية إلا للخواص، وهي اليوم عبارة عن وضع المبايع خطه في صك يتضمن الاعتراف للمبايع بالسلطنة، وذلك فيمن يحسن الكتابة وإلا أشهد عليه في صك يبقى بيد المبايع، وفي فوائد الدرر قال القاضي أبو بكر: إن البيعة كانت في صدر الإسلام مقولة، وهي اليوم مكتوبة، إذ كان في ذلك العصر لا يكتب إلا القرآن، وقد اختلفت في السنة وكان عليه السلام لا يكتب أصحابه ولا يجمع لهم ديوانا، إلا أنه يوما قال: اكتبوا من تلفظ بالإسلام، لأمر عرض له، وأما اليوم فيكتب إسلام الكفرة كما يكتب سائر معالم الدين والتوابع، لضرورة حفظها حين فسد الناس وخفت أمانتهم ومرج أمرهم الخ كلامه فانظره في الفوائد فإنه نفيس.
وفي ترجمة سلمة بن الأكوع منها عن عبد الرحمن بن زيد العراقي قال: أتيت سلمة بن الأكوع فأخرج إلينا يده ضخمة كأنها خف البعير، قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه فأخذنا يده فقبلناها.
[فصل فيمن تولى ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم]
«متوليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان، كما سبق عند البخاري، وفي الاستيعاب: كان حذيفة من كبار الكتاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معروف في الصحابة بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
[فصل في ثبوت العطاء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم]
«خرّج أبو داود عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه، فأعطى صاحب الأهل حظين، وأعطى الأعزب حظا فدعينا، وكنت أدعى قبل عمار، فدعيت فأعطاني حظين وكان لي أهل، ثم دعي بعدي عمار بن ياسر فأعطي حظا واحدا.
وفي الموطأ أن أبا بكر كان إذا أعطى الناس أعطياتهم سأل الرجل: هل عندك من مال وجبت عليك. فيه الزكاة؟ فإن قال: نعم. أخذ من عطائه زكاة ذلك المال وإن قال: لا.
أسلم إليه عطاءه ولم يأخذ منه شيئا» .
وقال الإمام أبو يوسف في كتاب الخراج: لم يكن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبة معينة للجنود الذين كانوا يتألفون من جميع أمراء المسلمين، وإنما كانوا يأخذون مالهم في أربعة أخماس ما يغنمون، وفيما يرد من خراج الأرض التي أبقيت في أيدي أهلها كأرض خيبر، ولما ولي أبو بكر أعطى الناس وسوّى بينهم في العطاء، قائلا: هذا معاش فالأسوة فيه خير من الأثرة، فلما ولي عمر رأى في ذلك غير رأي أبي بكر، وقسم العطاء مفضلا الأسبق فالأسبق الخ كلامه. وفي ترجمة عمرو بن الفغواء؛ من طبقات ابن سعد عنه قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان، يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح، فقال: إلتمس صاحبا الخ القصة.