للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفوس ساعة بعد ساعة، فإنها تصدأ كما يصدأ الحديث، ويروى عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول: إذا أفاض من عنده في الحديث بعد القرآن والتفسير: حمّضوا أي إذا مللتم من الفقه والحديث وعلم القرآن، فخذوا في الأشعار وأخبار العرب. ومنه قول أبي الدرداء:

إني لأستجم ببعض اللهو؛ ليكون لي عونا على الحق. وقال علي: القلب إذا أكره عمي، وهذا كله ما لم يكن دائما متصلا وأما أن يكون ذلك عادة الرجل حتى يعرف به ويتخذه ديدنا، ويضحك به الناس فهذا مذموم غير محمود.

وفيه من الفقه أيضا بسط المحدث والعالم، لما أجمل من علمه لمن حوله، وبيانه عليهم من تلقاء نفسه، كما فعل عليه السلام في هذا الحديث. وقد قال عليه السلام لعائشة: كنت لك كأبي زرع قالت ثم أنشأ يحدث الحديث، وقد روي في غير حديث ابتداؤه عليه السلام أصحابه المسائل جملا وتفصيلا. قاله عياض.

ولأهمية فوائد هذا الحديث وكثرة ما استنبط منه أفرده بالتصنيف إسماعيل بن أويس، من شيوخ البخاري في جزء مفرد، وثابت بن قاسم، والزبير بن بكار، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث، وأبو محمد بن قتيبة، وابن الأنباري، وإسحاق الكلاباذي، وأبو القاسم عبد الحليم بن حيان المصري، ثم الزمخشري في الفائق، ثم عياض وهو أجمعها وأوسعها وهو عندي في جزء وسط، والإمام الرافعي. وساقه برمته في تاريخ قزوين. ونقله عنه بنصه الحافظ السيوطي في تعليقه على الشمائل للترمذي، سماه الرافعي ذرة الضرع بحديث أم زرع، وربع الفرع في شرح حديث أم زرع للحافظ محمد بن ناصر الدين الدمشقي، ولتاج الدين عبد الباقي بن عبد المجيد المكلي المتوفي سنة ٧٤٣ مطرب السمع في شرح حديث أم زرع، ثم العارف أبو الحسن ابن وفا المصري علي لسان القوم وأهل الإشارات، والشيخ مرتضى الزبيدي وغيرهم.

[المضحكون والمضحكات في الزمن النبوي]

دون ما سبق في القسم الأول منهم: نعيمان بن عمرو بن رفاعة الأنصاري ممن شهد العقبة وبدرا والمشاهد بعدها قال ابن الأثير في ترجمته من أسد الغابة: كان كثير المزاح يضحك النبي صلى الله عليه وسلم من مزاحه، وهو صاحب سويبط بن حرملة، وكان من حديثهما أن أبا بكر خرج إلى الشام ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة، وكلاهما بدري. وكان سويبط على الزاد فجاءه نعيمان فقال: أطعمني فقال: لا حتى يجيء أبو بكر، وكان نعيمان رجلا مضحاكا فقال؛ لأغيظنك. فجاء إلى أناس جلبوا ظهرا فقال: ابتاعوا مني غلاما عربيا فارها، وهو ذو لسان. ولعله يقول: أنا حر. فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوه لا تفسدوا عليّ غلامي، فقالوا: بلى بل نبتاعه منك بعشر قلائص، فأقبل بها يسوقها، وأقبل بالقوم حتى عقلها. ثم قال: دونكم هو هذا، فجاء القوم فقالوا: قم قد اشتريناك. فقال سويبط: هو كذاب أنا رجل حر. فقالوا: قد أخبرنا خبرك، فطرحوا الحبل في رقبته وذهبوا به، فجاء

<<  <  ج: ص:  >  >>