للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج ابن ماجه من حديث خارجة بن زيد قال: رأيت رجلا سأل أبي عن الرجل يغزو ويشتري ويبيع ويتجر في غزوه فقال له: إنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك نشتري ونبيع، وهو يرانا ولا ينهانا، وفيهما دليل على جواز التجارة في الغزو. وعلى أن الغازي مع ذلك يستحق نصيبه من المغنم، وله الثواب الكامل بلا نقص، ولو كانت التجارة في الغزو موجبة لنقصان أجر الغازي لبينه صلى الله عليه وسلم، فلما لم يبين ذلك بل قرره دل على عدم النقصان. ويؤيد ذلك جواز الاتجار في الحج لما ثبت في الحديث الصحيح: أنه لما تحرج جماعة من التجارة في سفر الحج أنزل الله عز وجل: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة: ١٩٨] قاله الشوكاني. [وانظر أبا داود كتاب المناسك ج ٢/ ٣٥٠ باب التجارة في الحج] .

[ذكر أصل تسمية البيع والشراء تجارة]

في أول كتاب البيوع من أوائل السيوطي أخرج ابن ماجه والطبراني عن قيس بن أبي غرزة قال: كنا نسمّى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم السماسرة، فمر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمانا باسم هو أحسن منه فقال: يا معشر التجار إن البيع يحضره الحلف واللغو فشوبوه بالصدقة «١» زاد الطبراني فكان أول من سمانا التجار.

قلت: عزاه الشامي في سبل الرشاد إلى أحمد والأربعة، واقتصر في مشكاة المصابيح على عزوه للأربعة دون أحمد، وقد بوّب على الحديث الترمذي في جامعه فقال: باب التجار «٢» وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ثم قال: وفي الباب عن اليمان ورفاعة ثم قال: حديث قريظة حسن صحيح. ولا نعرف له سواه. وبوّب على الحديث المذكور ابن ماجه في سننه فقال: باب التوقي في باب التجارة: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن قيس بن أبي غرزة فذكره. ثم قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاتب حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده رفاعة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا الناس يتبايعون بكثرة فناداهم: يا معشر التجار فلما رفعوا أبصارهم ومدوا أعناقهم قال: إن التجارة يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق «٣» .

قال صاحب اللمعات: إنما كان اسم التجار أحسن من السماسرة لأن التجارة مذكورة في مواضع عديدة من القرآن في مقام المدح، والذي يتوسط بين البائع والمشتري يكون تابعا، وقد يكون مائلا عن الأمانة والديانة. وسماهم تجارا لكونهم مصاحبين لهم، مع شمول التجار التابعين أيضا اهـ.


(١) انظره في ابن ماجه ص ٧٢٦ ج ٢ ورقم الحديث ٢١٤٥.
(٢) انظر كتاب البيوع ج ٣ ص ٥١٤.
(٣) انظره أيضا ابن ماجه ص ٧٢٦ ج ٢ ورقم الحديث ٢١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>