للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عظيم علمه بقوله: في الحديث الثابت في الصحيحين «١» : والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.

واستدل الشيخ أبو إسحاق بهذا وغيره في طبقاته؛ على أن أبا بكر أعلم الصحابة، لأنهم كلهم وقفوا عن فهم الحكمة في المسألة إلا هو، ثم ظهر لهم بمباحثته في المسألة أن قوله هو الصواب فرجعوا إليه.

وروينا عن ابن عمر أنه سئل: من كان يفتي الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أبو بكر وعمر، ما أعلم غيرهما. وفي الصحيحين «٢» في قصة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم قبيل موته في العبد الذي خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو المخيّر وكان أبو بكر أعلمنا.

وفي حديث السقيفة قول عمر: وكان من أعلم الناس بالله، وأخوفهم لله، وقال ابن كثير: كان الصديق اقرأ الصحابة، أي أعلمهم بالقرآن، لأنه صلى الله عليه وسلم قد قدمه إماما للصلاة بالصحابة، مع قوله: يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، وكان مع ذلك أعلمهم بالسنة، كما رجع إليه الصحابة في غير موضع، يبرز عليهم بنقل من رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفظها هو، ويستحضرها عند الحاجة إليها، ليست عندهم. وكيف لا يكون كذلك؛ وقد واظب على صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من أول البعثة إلى الوفاة. وهو مع ذلك من أذكى عباد الله، وأعقلهم. وإنما لم يرو عنه من الأحاديث المسندة إلا القليل، لقصر مدته، وسرعة وفاته، وإلا فلو طالت مدته لكثر ذلك عنه جدا ولم يترك الناقلون عنه حديثا إلا نقلوه ولكن كان الذي في زمنه من الصحابة لا يحتاج أحد منهم أن ينقل عنه ما قد شاركه هو في روايته، فكانوا ينقلون عنه ما ليس عندهم، وكان من أعلم الناس بالأنساب والتعبير، ثم عقد السيوطي فصلا لما روي عنه من الحديث، فأوصل مرويّه إلى مائة وأربعة أحاديث. وساقها. وكان مع ذلك أسدّ الصحابة رأيا، وأكملهم عقلا انظر تاريخ الخلفاء له، وقد سبق ويأتي عن جماعة أن عليا كان أفضل الصحابة من جهة العلم، أشهر به من غيره، وعلمه وفتاويه وحكمه ووقائعه تشهد لذلك، انظر الكتب المؤلفة في تراجمه وهي كثيرة لا حصر لها.

[باب من كان يعرف فيهم بباب مدينة العلم]

خرّج الترمذي من حديث علي رفعه: أنا مدينة العلم وعلى بابها، وقال: منكر، وجزم جماعة ببطلانه، لكن قال الحافظ أبو سعيد العلائي: الصواب أنه حسن باعتبار طرقه، لا صحيح ولا ضعيف، فضلا عن أن يكون موضوعا اهـ وكذا قال الحافظ ابن حجر


(١) انظر كتاب الاعتصام في البخاري ج ٨/ ١٤١ وكتاب الإيمان في مسلم ص ٥٢/ ١.
(٢) انظر في البخاري كتاب مناقب الأنصار باب ٤٥ ص ٢٥٣/ ٤ وفي مسلم كتاب فضائل الصحابة ص ١٨٥٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>