للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطيبي أعاد الفعل في قوله: أطيعوا الرسول إشارة إلى إستقلال الرسول بالطاعة، ولم يعده في أولي الأمر إشارة إلى أنه يوجد فيهم من لا تجب طاعته ثم بين ذلك بقوله: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ كأنه قيل: فإن لم يعملوا بالحق فلا تطيعوهم، وردوا ما تخالفتم فيه إلى حكم الله ورسوله اهـ.

[الوزير]

«قال القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن: الوزارة عبارة عن رجل موثوق به في دينه وعقله يشاوره الخليفة فيما يعن له من الأمور اهـ وقد صرح ابن العربي في سراج المريدين والأحكام بتحسين حديث فيه أن أبا بكر وعمر وزراء النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الأرض» .

قلت: وفي القوانين لابن جزي في حق عمر: وكان هو وأبو بكر وزيرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته اهـ منها. ولا شك أن حالهما كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعطي إلا ذلك، وبما وصلاه من هذه الرتبة العظيمة إستخلفهما المسلمون بعده، وأخرج الحاكم عن ابن المسيب قال: كان أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم مكان الوزير؛ فكان يشاوره في جميع أموره، وكان ثانيه في الإسلام، وثانيه في الغار، وثانيه في العريش يوم بدر، وثانيه في القبر، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم عليه أحدا. انظر ص ٢٣ من تاريخ الخلفاء للسيوطي، وقد جاء ذكر الوزير في كثير من الأحاديث؛ أخرج النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من وليّ منكم عملا فأراد به خيرا جعل له وزيرا صالحا فإن نسي ذكره وإن ذكره أعانه «١» .

وخرّج أبو داود عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بالأمير خيرا حعل الله له وزير صدق إن نسى ذكره وإن ذكر أعانه وإن أراد الله به غير ذلك جعل الله له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه» «٢» . وأصله في الصحيح.

ترجم على الحديث المذكور أبو داود في سننه باب إتخاذ الوزير وأورده في الجامع الصغير، وعزاه لأبي داود والبيهقي قال المناوي في التيسير: رمز المؤلف لحسنه، ولعله لشواهده. وإلا فقد جزم الحافظ العراقي بضعفه اهـ وقال الشمس العلقمي في حواشي الجامع المسماة بالكوكب المنير بجانبه علامة الحسن، وقال أيضا قوله: وزير، الوزير هو الذي يوازر الأمير، فيحمل عنه ما يحمله من الأثقال، والذي يلتجىء الأمير إلى رأيه، فهو ملجأ له ومفزع انظر بقيته فيه، وفي عون الودود على سنن أبي داود للفنجابي: الحديث يدل على إستحباب إتخاذ الوزير عند الحاجة لأمور السياسة اهـ.

وكان على الخزاعي أن يذكر هنا قول عبد الله بن مسعود وهو عند أحمد والبزار والطبراني في الكبير قال النور الهيثمي ورجاله موثّقون: إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد


(١) رواه النسائي في كتاب البيعة رقم ٣٩- ٣٣ ج ٧ ص ١٥٩.
(٢) رواه أبو داود تحت رقم ٢٩٣٢ ج ٣ ص ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>