العبر، وانظر المسند الصحيح الحسن في ماثر أمير المؤمنين أبي الحسن، وإيضاح المراشد في أجوبة أبي راشد كلاهما للخطيب بن مرزوق، ومقدمة كتاب القضاء من شرح التقليد للماوردي المالكي؛ فإنه حرر مواضع الخلافة، وهذب طرقها وما يحتاج إليه من ذلك، وكتاب إمام الحرمين الجويني في الخلافة، الذي سماه غياث الأمم في التياث الظلم وهو عنده مرتب على ثلاثة أركان: الركن الأول في الإمامة وما يليق بها من الأبواب، والركن الثاني في تقدير خلوّ الزمان عن الأيمة وولاة الأمة والركن الثالث: في تعذير إنقراض حملة الشريعة جملة. صنفه لغياث الدولة وهو موجود بالمكتبة الخديوية بمصر، وانظر مقدمة كتاب: نصيحة الصفا في قواعد الخلفا لأبي العباس أحمد بن محمد بن يعقوب وهو مشتمل على أبواب خمسة: الأول في معنى الخلافة الثاني في حرزها الثالث في إستقرارها الرابع في كمالها وحربها الخامس في جعلها وسيلة للفوز بالخلافة الآخروية.
لطيفة أخرى: في ثمار القلوب للثعالبي: كان أبو الفتح البستي يستحسن قولي في كتاب المبهج: الملك خلافة عن الله في عباده وبلاده، ولن تستقيم خلافته مع مخالفته اهـ.
وفي ترجمة أبي عبد الله المقري التلمساني من تكملة الديباج عنه أنه قال: سألني بعض الفقراء عن سوء بخت المسلمين في ملوكهم؛ إذ لم يلهم من سلك بهم الجادة، بل من يغتر بدنياه غافل عن عقباه، لا يرقب في مؤمن إلا ذمة، فأجبته بأن الملك ليس في شرعنا، بل هو شرع من قبلنا قال تعالى ممتنا على بني إسرائيل: وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً [المائدة: ٢٠] وقال: قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً [البقرة: ٢٤٧] وقال: وَهَبْ لِي مُلْكاً [ص: ٣٥] ولم يشرع لنا إلا الخلافة، فأبو بكر خليفته عليه السلام، كما فهم الناس عنه. وأجمعوا عليه، واستخلف عمر؛ فخرج عن طريق الملك الذي يرثه ولد عن والد، إلى الخلافة التي هي النظر والإختيار. ثم اتفق أهل الشورى على عثمان، وأخرجها عمر عن بنيه؛ لأنها ليست ملكا. ثم تعين علي بعد إذ لم يبق مثله، فبايعه من آثر الحق على الهوى، والآخرة على الدنيا، ثم الحسن كذلك، ثم كان معاوية أولّ من حوّلها ملكا.
والخشونة لينا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [النحل: ١١٠] فصارت ميراثا. ثم لما خرجت عن وصفها لم تستقم ملكا.
وكان عمر بن عبد العزيز خليفة لأن سليمان آثر حق المسلمين، فرغب عن بني أبيه، وعلم اجتماع الناس إليه فلم يسلك طريق الإستقامة إلا خليفة، وأما الملوك فكما ذكرت إلا من قل، وغالب حاله غير مرضي اهـ.
قال الحافظ في أول كتاب الأحكام من الفتح: ومن بديع الجواب قول بعض التابعين لبعض الأمراء من بني أمية؛ لما قال له: أليس الله أمركم أن تطيعوني. في قوله: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: ٥٩] فقال له: أليس قد نزعت عنكم يعني الطاعة إذا خالفتم الحق بقوله: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [النساء: ٥٩]