يشهدوه، ولا يستضيء في ظلم الخطوب إلا بمصابيح آرائهم، سلم له أمر الملك، وألقت إليه الدنيا أزمّتها، وصار دهاؤه ودهاء أصحابه الثلاثة مثلا، ولم يذكر معهم في الدهاء إلا قيس بن سعد بن عبادة، وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي اهـ.
[باب فيمن عرف من الصحابة بالقوى المدهشة حتى باهى به العرب فارس والروم]
ترجم الحافظ السيوطي في در السحابة، فيمن دخل مصر من الصحابة لقيس بن عبادة فقال فيه: أبو عبد الله من زهاد الصحابة وشرفائهم، وكان شجاعا مطاعا قالت له عجوز:
أشكو إليك قلة الجرذان. فقال: ما أحسن هذه الكناية املأوا بيتها خبزا ولحما وسمنا وتمرا. وكانت له صحفة يدور بها حيث دار، وينادي له مناد: هلموا إلى اللحم والثريد.
وكان أبوه وجده من قبله يفعلان ذلك. وكان مديد القامة جدا.
كتب ملك الروم إلى معاوية أن إبعث إليّ بسراويل أطول رجل من العرب، فأخذ سراويل قيس. فوضعت على أنف أطول رجل في الجيش فوقعت على الأرض، وفي رواية أن ملك الروم بعث برجلين من جيشه، يزعم أن أحدهما أقوى الروم، والآخر أطول الروم وقال: إن كان في جيشك من يفوقهما؛ هذا في قوته؛ وهذا في طوله بعثت إليك من الأسارى كذا وكذا، وإن لم يكن في جيشك من يشبههما فهادني ثلاث سنين؛ فدعا للقوي بمحمد بن الحنفية، فجلس وأعطى للرومي يده، فأجهد بكل ما يقدر عليه من القوى أن يزيله عن مكانه، أو يحركه ليقيمه فلم يجد إلى ذلك سبيلا. ثم جلس الرومي وأعطى لابن الحنفية يده فما لبث أن أقامه سريعا ورفعه إلى الهواء ثم ألقاه إلى الأرض، فسرّ بذلك معاوية سرورا عظيما، ودعا بسراويل قيس بن سعد بن عبادة، وأعطاها للرومي الطويل فلبسها، فبلغت إلى ثدييه وأطرافها تخط الأرض. فاعترف الرومي بالغلب.
[باب فيمن كان من الصحابة في نهاية الطول]
في ترجمة عمر من أسد الغابة: كان طويلا قد فرع الناس أي طالهم كأنه على دابة اهـ وقال في صبح الأعشى: كان عمر بن الخطاب كأنه راكب والناس يمشون لطوله، وكان عدي بن حاتم إذا ركب تكاد رجلاه تخط في الأرض، وكذلك جرير بن عبد الله البجلي اهـ.
قلت: روى عبد الله بن أحمد في زوائد المسند أن نعل جرير بن عبد الله البجلي طولها ذراع. ثم قال القلقشندي: وكان عبد الله بن عباس في نهاية الطول، وكان أبوه العباس أطول منه، وجده أطول من أبيه.
وفي ترجمة العباس من طبقات ابن سعد أنه حين أسر في وقعة بدر طلب له قميص فما وجدوا له قميصا يقدر عليه إلا قميص عبد الله بن أبي، ألبسه إياه فكان عليه. وفيها:
كان العباس بن عبد المطلب أقرب الناس شحمة أذن إلى السماء.