للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحريضهم على فهم ما أهملوه. قالوا: ولهذا جرت عادة خطباء المشرق، وقدماء الأندلس بتنويع الخطب بحسب الحاجة الوقتية للتنبيه على ما يفعل الناس لذلك، فتحصل للسامع أعظم منفعة، وأكبر فائدة، وأهمل هذا أهل المغرب؛ بل طالما أنكره وانتقده من ينتمي إلى العلم، ولو علم هذا ما اشتملت عليه خطبه عليه السلام، وخطب خلفائه لما أنكره. وهي طريقة مشهورة عن السلف. ذكرت شواهدها في شرح خطبي التي أنشأتها اهـ منه.

[باب في روايته صلى الله عليه وسلم عن أصحابه وتحديثه عنهم]

روى عليه السلام في خطبته عن تميم الداري في قصة الجساسة وهي في آخر صحيح مسلم، وروي عن مالك بن مزود وقيل: ابن مرارة وقيل ابن مرارة الرهاوي، وفيما أخرجه ابن منده في الصحابة بسنده عن زرعة بن ذي يزن، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه كتابا، وأن مالك بن مزود الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت وقاتلت المشركين، فأبشر بخير. الحديث.

ومنه روايته صلى الله عليه وسلم عن أمه في حديث عنها أنها أخبرته بإضاءة قصور الشام وبصرى عند ولادته، ومنه قراءته صلى الله عليه وسلم على أبيّ بن كعب، وقال: أمرني الله أن أقرأ عليك: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة: ١] قال السيد السمهودي في الجوهر من فوائده: أن لا يمتنع الفاضل من الأخذ عن المفصول اهـ.

قلت وهذا الأصل في رواية الأكابر عن الأصاغر. ومنه كما في كشف الظنون: رواية الخلفاء الأربعة وغيرهم، عن عائشة في كثير من الأحكام، وهو النوع الحادي والأربعون من تقريب النووي، وهو كما قالوا: نوع لطيف. ومن فوائده معرفة الأمن من الانقلاب، فلا يظن ولا يتوهم في السند انقلاب وتنزيل أهل العلم منازلهم؛ عملا بخبر أبي داود من حديث عائشة مرفوعا: أنزلوا الناس منازلهم «١» ، وهذا النوع يحمل عليه الرغبة في الفائدة؛ لأنها ضالّة المؤمن فحيث ما وجدها من كبير أو صغير أو تلميذ أو قرين التقطها.

[باب في أخذ الصحابة العلم بعضهم عن بعض]

وهو من أنواع نقل السنة ووجوهها، وهو نوع مهم جدا ذكره البلقيني في محاسن الإصطلاح ولم يذكره ابن الصلاح ولا اتباعه في أنواع الحديث، لأن الغالب رواية الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية التابعين عن الصحابة، ومن أمثلته حديث اجتمع فيه أربعة صحابة يروي بعضهم عن بعض؛ وهو حديث الزهري عن السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب مرفوعا: ما جاءك الله من هذا المال من غير إشراف ولا سائل فخذه، ولا تتبعه نفسك «٢» .


(١) رواه في كتاب الأدب باب ٢٠ ص ١٧٣ ج ٥.
(٢) رواه النسائي في كتاب الزكاة باب ٩٤ ج ٥ ص ١٠٤ ونصه: ما آتاك الله عز وجل من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف فخذه فتموله أو تصدق به ومالا فلا تتبعه نفسك.

<<  <  ج: ص:  >  >>