للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على من طالعها، وهل يدخل في ذلك مثلا قصة عنترة والملك الظاهر، إذا قصد به ضرب الأمثال ونحوها فيحرر اهـ.

قلت: ومنه قصص ألف ليلة وليلة، وألف يوم ويوم، فكل ذلك من معنى ما ذكر وأمثاله، مما يقصد به زيادة على تنشيط النفس العلم بما جريات من سبق، لأن القصص وإن كانت خرافية، فلا تخلو من إفادة عن حال واضعيها ومدونيها، أو من دوّنت على لسانهم والله أعلم.

وفي فتاوى ابن حجر الهيثمي: مقامات الحريري على صورة الكذب ظاهرا ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، وإنما هي ضرب الأمثال، وإبراز الطرق الغريبة والأسرار العجيبة، والبديع الذي لم ينسج على منواله، ولا خطر بفكر أديب فشكر الله سعي واضعها، ومن أطلق عليها الكذب استهزاء بما فيها من العلوم كفر: فقد قال الأيمة من قال: قصعة من ثريد خير من العلم إنه يكفر، فإذا كفر بهذا سواء قصد استهزاء أم لا. فما ظنك بمن يستهزىء بالعلم ويجعله كذبا اهـ وانظر شرح النابلسي على الطريقة المحمدية ص ٢٥٠ من ج ٢.

[باب في إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى ما تميز بفضيلة من أصحابه ليؤخذ عنه]

قال الحافظ أبو نعيم: وإذا ظهر للعالم البلاغ والكمال في العلم من بعض أصحابه، دله على مكانه ومنزلته من العلم ليفزع الناس إليه بعده، إذا فقدوه ونزلت بهم الحوادث والمعضلات. واحتج لذلك بحديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي «١» ، وأشار إلى أبي بكر، واهتدوا بهدي عمر، وإذا حدثكم ابن أم عبد فصدقوا، ومنه حديث:

استقرئوا القرآن من أبي وابن مسعود، فدل على من فيه الأهلية. وهي شهادة منه عليه السلام لهم.

ومنه أخذ الشمس محمد بن مسعود الطرنباطي الفاسي الأصل للشهادات التي يعطيها الشيوخ لتلاميذهم، تعريفا بمعلوماتهم وتقديرا لمزاياهم. انظر بلوغ أقصى المرام في شرف العلم وما يتعلق به من الأحكام له. خرّج أحمد «٢» والترمذي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.

وأخرجه أبو يعلى من حديث ابن عمر وزاد فيه: وأقضاهم علي، وأخرجه الديلمي


(١) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب باب ١٦ ج ٥/ ٦٠٩.
(٢) رواه أحمد ج ٣/ ٢٨١ والإسلامي ٣٥٦/ ٣ ورقمه فيه: ١٣٩٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>