توبتهم من عبادة العجل، وتفصيل القصص المذكورة في القرآن، لأن في ذلك عبرة وموعظة لأولي الألباب.
ولكن أخبار عوج بن عنق موضوعة، أفرد الحافظ الأسيوطي الكلام عليها بمؤلف، انظره وفي تثقيف اللسان، وتلقيح الجنان؛ لأبي حفص عمر بن خلف بن مكي الحميري المازري، قاضي تونس في باب: ما تأول على غير تأويله وهو الباب ٤١ منه.
ومن ذلك توهمهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، أن معناه:
حدثوا عن بني إسرائيل بما يصح عندكم وما لا يصح، وليس كذلك: قال لنا الشيخ أبو محمد عبد الحق أيده الله: إنما المعنى لا حرج عليكم أن لا تحدثوا عن بني إسرائيل، لأن أول واجب هو قوله: بلّغوا عني ولو آية وليس بواجب عليكم أن تحدتوا بما صح عندكم من حديث بني إسرائيل، إن شئتم حدثوا وإن شئتم فلا حرج عليكم، كما عليكم الحرج أن لا تبلغوا عني اهـ منه.
وذكر الخطيب البغدادي؛ كما نقله عنه السخاوي في فتح المغيث: إن اطّراح أحاديث بني إسرائيل المأثورة عن أهل الكتاب، وما نقل عن أهل الكتاب واجب، والصدود عنه واجب قال: وأما ما حفظ من أخبار بني إسرائيل وغيرهم، من المتقدمين عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعلماء السلف، فإن روايته تجوز ونقله غير محظور.
ثم روى عن الشافعي أن معنى: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج أي؛ لا بأس أن تحدثوا عنهم بما سمعتم، وإن استحال أن يكون في هذه الأمة. قال السخاوي: لكن قال بعض العلماء: إن قوله: ولا حرج في موضع الحال، أي حدثوا عنهم، حال كونه: لا حرج في التحديث بما حفظ من أخبارهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني وعن أصحابه والعلماء. كما قاله الخطيب فإن روايته تجوز اهـ.
وقد بينت ذلك واضحا في كتابي (الأصل الأصيل في تحريم النقل من التوراة والإنجيل) اهـ.
قلت: انظر ما سيأتي ممن كان من الصحابة يقرأ الكتب القديمة، وفي الدر المختار في شرح تنوير الأبصار، للعلامة الحصكفي الدمشقي من كتب فقه الحنفية حديث حدثوا عن بني إسرائيل يفيد حل سماع العجائب والغرائب من كل ما لا يتيقن كذبه، بقصد الفرجة لا الحجة بل وما يتيقن كذبه، لكن بقصد ضرب الأمثال والمواعظ، وتعليم نحو الشجاعة على لسان آدميين أو حيوانات ذكره ابن حجر اهـ.
قال الشمس ابن عابدين في حواشيه عليه، المسماة رد المحتار على قوله: لكن بقصد ضرب الأمثال، وذلك كمقامات الحريري، فإن الظاهر أن الحكايات التي فيها عن الحرث ابن همام والسروجي لا أصل لها. وإنما أتى بها على هذا السياق العجيب لما لا يخفى