الثالث عشر: أن لا يلبس من الثياب ما لا يجوز لبسه، لما رواه عن عبد الله بن عمرو: قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ ثوبين معصفرين. فقال إن هذه ثياب الكفار، فلا تلبسها [رواه مسلم في كتاب اللباس ٢٧ ج ٢/ ١٦٤٧] .
الرابع عشر: أن يلبس ما ابيض من الثياب فإنه مستحب لأهل العلم، لما رواه عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالبياض فإنه خير ثيابكم، فكفنوا فيها موتاكم وليلبسها أحياؤكم فإنها أطيب وأطهر.
الخامس عشر: أن يعتمّ قال: لأنها زينة لأهل العلم. وخرّج عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اعتموا تزدادوا حلما «١» .
السادس عشر: أن يعتني بحفظه لصحته، ليستعين بها على طلب العلم والتحصيل، وذكر أبو نعيم من ذلك أمورا: من ذلك اجتنابه لما يخل قوة الفهم والحفظ، ويعود بضعف في النفس أو البدن، وتعاهده إخراج الدم، وشرب الدواء واستعانته على تقوية بصره بالجلوس على الخضرة والماء الجاري، وتهذيب بدنه بترك ما يورث السمن، وترك التملي من الطعام والشراب لئلا يقطع عن الدرس، ثم استدل لكل أدب من هذه الآداب، فراجع كلامه الذي لخصه ابن الأزرق: في روضة الأعلام فإنه أحلى من العسل، وألذ من الماء البارد على الظمأ. وعلى قدر اطلاع المتتوّر على ما يقال الآن عن المسلم وطالب العلم من أهله، يكثر فرحه بهذه الآداب الإسلامية، التي كانت رائجة في ذلك الزمن النبوي، ويبتهج بما سقناه لأنه بذلك يعلم أن دينه وتعاليمه أسبق التعاليم إلى الحضر والنظافة، والرقي والاعتناء بحفظ الصحة، والاقتصاد النافع، وانظر كتاب آداب المتعلم لأبي نعيم الأصبهاني، وآداب المحدث للحافظ عبد الغني بن سعيد البغدادي، ومقدمة شرح تهذيب النووي، وكتاب تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم، للشيخ بدر الدين بن جماعة، وجواهر العقدين للسيد السمهودي، وروضة ابن الأزرق وشرح ألفية العراقي للسخاوي، وبلوغ أقصى المرام للطرنباطي، وممن ألف في مكارم الأخلاق من السلف الطبراني، والخرائطي، له كتاب في مكارم الأخلاق وآخر في مساوي الأخلاق.
[باب في أن الصحابة كانوا يعرفون حق أكابرهم]
في العلم والسن والآداب التي كانوا يوصون بها المتعلم ليعامل بها معلمه ذكر ذلك أبو نعيم في آداب المتعلمين، واستدل له بما هو معروف؛ من أن زيد بن ثابت، أراد أن يركب فوضع رجله في الركاب، فأمسك له ابن عباس رضي الله عنهما. فقال: تنحّ يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إنا هكذا نصنع بالعلماء والكبراء، ولما قال البلخي في عين العلم:
ويأخذ بركاب العلماء للتوقير، قال شارحه الملا على القاري، بعد ذكر قصة ابن عباس هذه:
وأخذ عمر بغرز زيد أي بركابه، حتى رفعه. وقال: هكذا فافعلوا بزيد وأصحابه اهـ منه.
(١) حديث: اعتموا تزدادوا حلما ذكره في التيسير على الجامع الصغير وقال عنه: رواه البيهقي مرسلا عن خالد بن معدان.