[اختياره عليه السلام لرسله أن يكونوا أحسن الناس وجها]
سيأتي أمره لعماله أن يبردوا له البريد كذلك، ومن أشهر رسله عليه السلام للملوك دحية الكلبي. قال العيني: في عمدة القاري ص ٩٣ من الجزء الأول: كان دحية من أجمل الصحابة وجها، وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورته، وذكر السهيلي عن ابن سلام في قوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها [الجمعة: ١١] قال: كان اللهو نظرهم إلى وجه دحية لجماله، وروي أنه كان إذا قدم إلى الشام لم تبق مخدرة إلا خرجت لتنظر إليه اهـ.
وفي الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي أن دحية كان أجمل أهل زمانه، وبلغ من أثر جماله في الخلق، أنه لما قدم المدينة واستقبله الناس، ما رأته امرأة حامل إلا ألقت ما في بطنها اهـ وذكر العيني في العمدة أيضا: أن دحية هذا كان يمشي متلثما خشية أن تفتتن به النساء اهـ.
[وصايته عليه السلام لكل من بعثه لجهة من الجهات من سفرائه وأمرائه ورسله]
في سيرة ابن هشام قال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري أنه وجد كتابا فيه ذكر بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البلدان وملوك العرب والعجم، وما قال لأصحابه حين بعثهم، قال فبعثت به إلى محمد بن شهاب الزهري فعرفه وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج على أصحابه فقال لهم: إن الله بعثني رحمة فأدّوا عني يرحمكم الله، ولا تختلفوا عليّ كما اختلف الحواريون على عيسى بن مريم. قالوا: وكيف يا رسول الله كان اختلافهم؟ قال: دعاهم لمثل ما دعوتكم له، فأما من قرب به فأحب وسلّم، ومن بعد به فكره وأبى، فشكى ذلك عيسى منهم إلى الله، فأصبحوا وكلّ رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين وجه إليهم اهـ.
وفي باب صب الماء على البول في المسجد؛ أنه عليه السلام قال للصحابة لما تناولوا الأعرابي الذي بال في المسجد: إنما بعثتم ميسّرين، ولم تبعثوا معسّرين. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وكان ذلك شأنه عليه السلام، في حق كل من بعثه إلى جهة من الجهات، يقول: يسروا ولا تعسروا اهـ ص ٢٧٩ من الجزء الأول.
وقع ذلك في مسلم عن أبي موسى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال:«بشّروا ولا تنفّروا، ويسّروا ولا تعسّروا» ، وأخرج البزار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسل معاذا وأبا موسى فقال: تشاورا وتطاوعا ويسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا.