غريب الحديث عن عائذ بن سعيد الجسري قال: وفدنا على النبي صلى الله عليه وسلم فلقينا الضحاك بن سفيان وابن ذي اللحية الكلابي لم يؤذن لهما فقال: يا مالك وهو أحد الوفد إن جسرا قد أتى بها، فإذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل كذا وقل كذا فقال: أنا إلى الإذن أحوج مني إلى التلقين، ثم نادى مالك إئذن لوفد جسر يا رسول الله فأذن لنا. الحديث.
[الحاجب]
في العقد الفريد لإبن عبد ربه وحاجبه عليه السلام أبو أنسه مولاه اهـ منه ص ١٧٤ من ج ٢ وقد تكلم في صبح الأعشى على الحجابة فقال: كان موضوعها عند الخلفاء الراشدين حفظ باب الخليفة، والإستيذان للداخلين عليه، لا للتعدي للحكم في المظالم.
وقد ذكر القضاعي في تاريخ الخلائف ما يقتضي أن الخلائف لا تزال تتخذ الحجاب من لدن الصديق فمن بعده، فسمى هو وغيره شديدا وشريف مولى أبي بكر كان حاجبه، ويرفأ حاجب عمر بن الخطاب، وحمران مولى عثمان كان حاجبه أيضا نائل مولاه، وحاجب علي كرم الله وجهه قنبر، وكان قبله بشر مولاه أيضا، وفي فتح الباري: أما إتخاذ الحاجب فقد ثبت في قصة عمر في منازعة العباس وعلي أنه كان له حاجب يقال له: يرفأ ومضى ذلك في فرض الخمس واضحا اهـ من كتاب الأحكام.
[البواب]
«في الصحيح عن أنس قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال: إتقي الله واصبري، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى»«١» .
قلت: بالأفراد عند البخاري في الأحكام وله في الجنائز، فلم تجد عنده بوابين بالجمع، وفائدة هذه الجملة أنه لما قيل لها: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إستشعرت خوفا وهيبة في نفسها، فتصورت أنه كالملوك، له حاجب وبوّاب، يمنع الناس من الوصول إليه، فوجدت الأمر بخلاف ما تصورته. كذا قال الطيبي.
أقول: يخطر بالبال أن مرادها لم تجد بوّابه في تلك الحالة حاضرا. فلا ينافي أنه كان له من يدخل الناس عليه عليه السلام بدليل ما سبق في الآذان، وفي المواهب اللدنية: ومن تواضعه عليه السلام: أنه لم يكن له بواب راتب، ثم ذكر حديث المرأة المذكورة. قال الزرقاني: فلا ينافي وجود بوّاب أحيانا لأمر ما. ثم قال في المتن: لكن في حديث أبي موسى الأشعري: أنه كان بوابا للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لما جلس على القف بضم الفاء (الدكة تجعل