وانظر الفصل الأول من باب كتاب الجيش، وما نقل فيه عن الحافظ في الفتح: مما يؤول جميعه بخلاف ما للمتأخرين في هذه الترجمة.
وفي الأحكام لابن العربي: وأما ولاية الديوان؛ فهي الكتابة، وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم كتاب، وللخلفاء بعد؛ وهي ضبط الجيوش لمعرفة أرزاقهم، والأموال لتحصيل فوائدها لمن يستحقها اهـ منها. وفي ترجمة عبد الرحمن بن عبد القاري من الإصابة، أنه كان على بيت المال لعمر. وأخرج البزار قال السيوطي في الجمع: وضعف عن عمر قال: كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لعبد الله بن أرقم: أجب هؤلاء، فأخذه عبد الله بن أرقم فكتبه، ثم جاء بالكتاب فعرضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أحسنت. فما زال ذلك في نفسي حتى وليت فجعلته في بيت المال.
وأخرج البيهقي في السنن عن أبي وائل أن عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء وبيت المال.
وذكر المناوي في شرح الشمائل، في ترجمة أبي جحيفة وهب السوائي؛ أن عليا كان يحبه ويسميه وهب الخير وجعله على بيت المال اهـ وفي الخطط للتقى المقريزي أن معاوية جعل على كل قبيلة من قبائل العرب بمصر رجلا يصبح كل يوم فيدور على المجالس فيقول: هل ولد الليلة فيكم مولود؟ وهل نزل بكم نازل؟ فيقال: ولد لفلان غلام، ولفلان جارية. فيكتب أسماءهم. ويقال: نزل بهم رجل من أهل كذا بعياله فيسميه وعياله، فإذا فرغ من القبيلة أتى إلى الديوان ليثبت ذلك اهـ.
[تسامح المسلمين في صدر الإسلام]
مما يدل على تسامح الأمراء الأمويين والعباسيين في أول الإسلام، أن الدواوين كانت بغير اللغة العربية، ففي صبح الأعشى ص ٤٢٣ من ج ١: أن أول من نقل ديوان العراق من الفارسية إلى العربية الحجاج بن يوسف، في خلافة عبد الملك بن مروان، نقله له صالح بن عبد الرحمن، وفيه أيضا: أوّل من نقل ديوان الشام من الرومية إلى العربية عبد الملك بن مروان، نقله له سليمان بن سعيد، مولى الحسين كاتب رسائل عبد الملك. فولاه عبد الملك جميع دواوين الشام. وفيه أيضا: أول من نقل ديوان مصر من القبطية إلى العربية عبد العزيز بن مروان في إمارته على مصر. ذكره صاحب المنهاج في صنعة الخراج اهـ.
وقال الشهاب المرجاني في الوفية: وأما ديوان الجبايات بعد الإسلام فديوان العراق بقي على الفارسية، وديوان الشام على الرومية، على ما كان عليه قبله، وكتاب الدواوين كان من أهل العهد من الفريقين، إلى أن أمر عبد الملك بن مروان سليمان بن سعد، أن ينقل ديوان الشام إلى العربية، فأكمله لسنة من يوم ابتدائه، وأمر الحجاج كاتبه صالح بن عبد الرحمن، أن ينقل ديوان العراق من الفارسية إلى العربية اهـ منه ص ٣٦٨.
وكأن العرب لتسامحهم كانوا يتخذون كتابا لتدوين الدواوين بلغتهم، أو للغة السائدة