حدثني أبو عبيدة أن ذلك في سنة تسع وإنها كانت تسمى سنة الوفود قال ابن إسحاق: وإنما كانت العرب تربّص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش، وذلك أن قريشا كانوا إمام الناس، وهاديهم، وأهل البيت والحرم، وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت الحرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافه، فلما افتتحت مكة ودانت له قريش ودوّخها الإسلام عرف العرب أنهم لا طاقه لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلوا في دين الله أفواجا يضربون إليه من كل وجه اهـ.
[فصل في اتخاذ الدار لنزول الوفد في زمانه عليه السلام (وبنائه صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه)]
في الوفاء للسيد السمهودي ص ٥٥٥ من ج ١ ذكر ابن شبة في دور بني زهرة: أن من دور عبد الرحمن بن عوف التي اتخذها الدار التي يقال لها الدار الكبرى، دار حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وإنما سميت بالدار الكبرى، لأنها أول دار بناها أحد المهاجرين بالمدينة، وكان عبد الرحمن ينزل فيها ضيوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت تسمى أيضا دار الضيفان، فسرق فيها بعض الضيفان، فشكى ذلك عبد الرحمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بنى عليه السلام فيها بيده فيما زعم الأعرج اهـ منها واختصر ذلك السمهودي في خلاصة الوفا راجع ص ١٨٧ منها.
«ذكر أبو الربيع الكلاعي في الاكتفاء عن الواقدي، أن حبيب بن عمرو كان يحدث قال: قدمت وفد سلامان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن سبعة نفر، فانتهينا إلى باب المسجد، فصادفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا منه، إلى جنازة دعي لها، فلما رأيناه قلنا: يا رسول الله السلام. فقال رسول الله: وعليكم السلام من أنتم؟ قلنا: قوم من سلامان قدمنا عليك لنبايعك على الإسلام، ونحن على من وراءنا من قومنا فالتفت إلى ثوبان غلامه فقال: أنزل هؤلاء حيث ينزل الوفد، فخرج ثوبان حتى انتهى بنا إلى دار واسعة وفيها نخل، وفيها وفود من العرب، وإذا هي دار رملة بنت الحارث النجارية. وساق الحديث» .
وقد ترجم في الإصابة لحبيب بن عمرو المذكور، وأورد قصته هذه وساق سند الواقدي فيها، وأفاد أن قدومه كان في شوال سنة عشر من الهجرة، وذكر ابن إسحاق أيضا في خبر بني قريظة، أنه لما حكم فيهم سعد بن معاذ حبسوا في دار رملة بنت الحارث النجارية، وذكر ابن فتحون أنه نزل فيها وفد تميم عيينة بن حصن ومن معه.
وذكر الطبري أنه نزل عندها أيضا وفد بني كلاب وهم ثلاثة عشر رجلا.
وترجم في الإصابة للحارث بن عوف المزني المشهور من فرسان الجاهلية، فذكر عن الواقدي، عن أشياخه قالوا: قدم وفد بني مرة ثلاثة عشر رجلا رئيسهم الحارث بن عوف، وذلك منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، فنزلوا بدار بنت الحارث الخ.