هذا من باب الطيرة والعدوى، وإنما هذا من باب الطب؛ لأن استصلاح الهواء من أعون الأشياء على صحة الأبدان، وفساد الهواء من أضرها وأسرعها إلى إسقام البدن عند الأطباء، وكل ذلك بإذن الله ومشيئته اهـ.
ومن هذا الباب ما أخرجه أبو نعيم في الطب النبوي: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرمدت عين امرأة من نسائه لم يأتها حتى تبرأ عينها.
ومن العجب ما وقفت عليه في مكتوب السلطان أبي العباس المنصور؛ كتب لولده أبي فارس وهو خليفته على مراكش بتاريخ ١٠١١ في أمر وباء حدث إذ ذاك بسوس قال فيه ما نصه [والبطاقة التي ترد عليكم من سوس من عند الحاكم أو ولد خالكم وغيرهما لا تقرأ ولا تدخل دارا بل تعطى لكاتبكم، هو يتولى قراءتها ويعرفكم مضمونها ولأجل أن كاتبكم يدخل مجلسكم ويلابس مقامكم حتى هو لا يفتحها إلا بعد أن تغمس في خل ثقيف وتنشر حتى تيبس، وحينئذ يقرؤها ويعرفكم بمضمونها إذ ليس يأتيكم من سوس ما يوجب الكتمان عن مثل كاتبكم] اهـ.
وهذا هو عمل الأفرنج اليوم في تحفّظهم من الوباء المسمى عندهم ب [الكرنتينة] المعروفة في باب الوقاية ودوائر الصحة، وقد كانت وقعت المحاورة بين عالمي تونس أبي عبد الله محمد المناعي المالكي والشيخ أبي عبد الله محمد بيرم الحنفي في إباحتها وحصرها، فألف الأول في الحرمة وألف الثاني في الجواز مستدلا على ذلك بنصوص من الكتاب والسنة. انظر رحلة الشيخ رفاعة الطهطاوي لباريز.
وفي إرشاد الساري في تفسير سورة النساء لدى قوله تعالى (وخذوا حذركم) دل ذلك على وجوب الحذر من جميع المضار المظنونة. ومن ثمّ علم أن العلاج بالدواء والإحتراز عن الوباء والتحرز عن الجلوس تحت الجدار المائل واجب اهـ وانظر كلاما لصاحب الإستقصاء في النازلة جعل ذلك مقيدا بالوجه الذي ليس فيه مفسدة شرعية والله أعلم.
[النسوة الممرضات]
انظر آخر القسم الثامن ترعجبا
[(باب في الحكيم)]
ترجم في الإصابة لأبرهة بن شرحبيل بن أبرهة بن الصباح الأصبحي الحميري، فنقل عن الرشاطي في الأنساب أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ففرش له رداءه، وأنه كان بالشام، وكان يعد من الحكماء. حكاه الهمذاني في النسب قال: وكان يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث اهـ.
وترجمه أيضا كذلك الحافظ الذهبي في التجريد وقال: أفاده الحافظ قطب الدين وزاد أنه قتل مع علي في صفين.