قال في التتارخانية عن السراجية: لا ينبغي للرجل أن يشتغل بالتجارة ما لم يعلم أحكام البيع والشراء؛ ما يجوز وما لا يجوز.
وعن البزازية: لا يحل لأحد أن يشتغل بالتجارة ما لم يحفظ كتاب البيوع، وكان التجار في القديم إذا سافروا استصحبوا معهم فقيها يرجعون إليه في أمورهم، وعن أئمة خوارزم أنه: لا بد للتاجر من فقيه صديق اهـ وانظر شرح الشيخ أبي سالم العياشي على نظمه في البيوع لدى قوله فيه:
لا تجلسن في السوق حتى تعلما ... ما حلّ من بيع وما قد حرما
وفي الشرا أيضا وذاك واجب ... أيضا على جميع من يسبب
لنفسه أو غيره ما يعرف ... حكم الذي في فعله تصرف
ودفعك المال لمن لا يعلم ... حكم البياعات قراضا يحرم
وانظر أيضا قول أبي زيد التلمساني في نظمه لبيوع ابن جماعة التونسي:
ولم يحل جلوسه في الشرع ... حتى يكون عارفا بالبيع
أعني به في سائر الأسواق ... وذاك معلوم بالاتفاق
وهكذا في كل علم يجهله ... في نفسه في كل شيء يفعله
لا سيما القاضي مع الشهود ... وعممن واحذر من الوعيد
ولم يجز أن تدفع الأموالا ... لرجل لا يعرف الحلالا
وذاك في القراض والبيوع ... وجملة الأحكام في المشروع
قلت: وهذا هو الأصل في المدنية العصرية لعلم امساك الدفاتر والتخريج في المدارس التجارية والتحصيل على اجازاتها بعد المباراة في التحصيل على درجاتها.
[باب تشديد عمر على الصحابة في تركهم الاتجار لغيرهم من العامة والاخلاط]
في العتبية قال مالك: قال عمر بن الخطاب: عليكم بالتجارة لا تفتنكم هذه الحمراء على دنياكم. قال أشهب: كانت قريش تتجر وكانت العرب تحقر التجارة، والحمراء يعني الموالي اهـ من البيان والتحصيل وفي المدخل لابن الحاج ورد أن عمر بن الخطاب دخل السوق في خلافته فلم ير فيه في الغالب إلا النبط، فاغتم لذلك فلما أن اجتمع الناس أخبرهم بذلك وعذلهم في ترك السوق فقالوا: إن الله أغنانا عن السوق بما فتح به علينا.
فقال رضي الله عنه: والله لئن فعلتم ليحتاج رجالكم إلى رجالهم ونساؤكم إلى نسائهم، وقد كان بعض السلف إذا رأى بعض النبط يقرأون العلم يبكي إذ ذاك وما ذاك إلا أن العلم إذا وقع لغير أهله يدخله من المفاسد ما أنت تراه. والنبط، قال في المصباح: جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق، ثم استعمل في اخلاط الناس وعوامهم اهـ.