أراده فرض واجب متعين عليه، وحكى على هذا الاجماع. وبهذا قال مالك في كتاب القراض. وفي المدونة: ولا أحب مقارضة من يستحل الحرام، أو من لا يعرف الحلال من الحرام وإن كان مسلما. وقد روي أن عمر بعث من يقيم من الأسواق من ليس بفقيه اهـ ونحوه لابن رشد في المقدمات وفي الشبراخيتي على المختصر قال القبّاب: لا يجوز للإنسان أن يجلس في السوق حتى يعلم أحكام البيع والشراء. وبعث عمر من يقيم من الأسواق من ليس بفقيه اهـ.
وفي المدخل لأبي عبد الله ابن الحاج: قد كان عمر بن الخطاب يضرب بالدرة من يقعد في السوق وهو لا يعرف الأحكام. ويقول: لا يقعد في سوقنا من لا يعرف الربا أو كما يقول. وقد أمر مالك بقيام من لا يعرف الأحكام من السوق لئلا يطعم الناس الربا.
سمعت سيدي أبا محمد يذكر أنه أدرك المحتسب يمشي في الأسواق، ويقف على الدكان ويسأل صاحبه على الأحكام التي تلزمه في سلعته، من أين يدخل عليه الربا فيها؟ وكيف يحترز منها؟ فإن أجابه أبقاه في الدكان، وإن جهل شيئا من ذلك أقامه من الدكان ويقول:
لا يمكنك أن تقعد في سوق المسلمين تطعم الناس الربا وما لا يجوز اهـ.
وفي نهج البلاغة أن عليا عليه السلام قال: من اتجر بغير فقه فقد ارتطح (ارتبك) في الربا. قال ابن أبي الحديد في شرحه لأن مسائل الدين مشتبهة بمسائل البيع ولا يفرق بينهما إلا الفقيه اهـ منه ص ٤٧٩ من المجلد الرابع.
وفي قوت القلوب لأبي طالب مكي: كان عمر رضي الله عنه يطوف بالأسواق، ويضرب بعض التجار بالدرة ويقول: لا يبيع في سوقنا إلا من تفقه، وإلا أكل الربا شاء أو أبى اهـ.
وعزا بعض المتأخرين إلى الترمذي مرفوعا: لا يبيع في سوقنا إلا من تفقه في الدين، ولم أجده في كتاب البيوع من الجامع، ولا في الجامعين للسيوطي، ثم وجدته في كنز العمال، معزوا له انظر ص ٢١٨ من ج ١.
وفي تنبيه المغترين: كان مالك يأمر الأمراء فيجمعون التجار والسوقة ويعرضونهم عليه، فإذا وجد أحدا منهم لا يفقه أحكام المعاملات، ولا يعرف الحلال من الحرام، أقامه من السوق وقال له: تعلم أحكام البيع والشراء، ثم اجلس في السوق، فإن لم يكن فقهيا أكل الربا.
وقال الزرقاني في شرح المختصر عند قوله: وتجارة لأرض حرب عن مالك أنه: لا يجوز شهادة التجار في شيء من الأشياء، إلا أن يتعلموا أحكام البيع والشراء اهـ.
وفي البريقة المحمودية في شرح الطريقة المحمدية للشيخ أبي سعيد الخادمي الحنفي: على التاجر أن يتعلم أحكام البيوع صحة وفسادا وبطلانا حلا وحرمة وربا وغيرها.