للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شبابا وكهولا، فربما استشارهم ويقول: لا يمنع أحدكم حداثة سنّه أن يشير برأيه، فإن العلم ليس على حداثة السن وقدمه، ولكن الله يضعه حيث يشاء.

باب في اهتبال علماء الصحابة بالآخذين عنهم والإهتمام بوقايتهم من الأهواء وحنوّهم عليهم

في روضة الأعلام للقاضي ابن الأزرق عن ابن عباس قال: أكرم الناس عليّ جليسي، الذي يتخطّى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت أن لا يقع الذباب على جبهته لفعلت.

وفي رواية: إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني اهـ.

[باب في ذكر الوصف الذي كان يحمله المنقطع للعلم في ذلك الزمن تعلما وتعليما]

لما تكلم ولي الدين ابن خالدون في فصل: إن حملة العلم في الإسلام أكثرهم من العجم من مقدمة العبر قال: على أن الناس في الزمن الأول لم تدعهم الحاجة إلى التدوين والتأليف، قال: وجرى الأمر على ذلك في زمن الصحابة والتابعين، وكانوا يختصون بحمل ذلك. ونقله القراء أو الذين يقرؤون الكتاب، وليسوا أميين فقيل لحملة القرآن يومئذ: قرّاء إشارة إلى هذا فهم قرّاء لكتاب الله، والسنة الماثورة عن الله، لأنهم لم يعرفوا الأحكام الشرعية إلا منه، ومن الحديث الذي هو في غالب موارده تفسير له وشرح اهـ كلامه على ما وقع في كلامه رحمه الله، في هذا الفصل من المجازفات. وربما يردّ على ما ذكره ما في ترجمة سعد بن عبيد الأنصاري المعروف بسعد القاري، من طبقات ابن سعد من أنه كان يسمى بالقاري، ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى القاري غيره اهـ ص ٣٠ من ج ٣، مع أن حفظة القرآن من الأنصار وغيرهم كثير، سبق عدّهم من القسم الأول فانظره. ثم وجدت في ترجمة حرام بن ملحان الأنصاري، من الطبقات أيضا عن أنس قال:

جاء ناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إبعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم: القراء، منهم خالي حرام. كانوا يقرؤون القرآن، ويتدارسون بالليل، ويتعلمون. القصة وأصلها في الصحيح. فلعلها مستند ما لابن خالدون وبعد ذلك صار العلماء يتميزون بالتحنك. قال القرافي في الفروق ص ١٣٠ من ج ٢: ما أفتى مالك حتى أجازه أربعون محنكا لأن التحنك وهو اللثام بالعمائم تحت الحنك، كان من شعار العلماء. حتى إن مالكا سئل عن الصلاه بغير تحنك فقال: لا بأس بذلك وهو إشارة إلى تأكد التحنيك. وهذا هو شأن أهل الفتيا في الزمن القديم اهـ.

[باب في تسميته عليه السلام حملة الحديث ونقلته عنه خلفاء له عليه السلام]

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أرحم خلفائي قلنا: من خلفاؤك يا

<<  <  ج: ص:  >  >>