والتحصيل: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء حتى كمل الدين واجتمع القرآن في الأرض، فوجب أن يحافظ على كونه مجموعا.
تنبيه: المصاحف القديمة الموجودة في المكاتب العظيمة، التي يظن إنها كتبت في القرون الأولى، لا تجدها إلا بأرفع الخطوط وأوضحها في أغلى الصحف ثمنا وأجملها وأغلظها. وما ذلك إلا لأنهم كانوا يرون ذلك من رفع المصحف وإكباره. وفي مدينة العلوم، لما تكلم على آداب كتابة المصاحف، أن عمر بن الخطاب كان إذا رأى مصحفا كتب بقلم دقيق ضرب كاتبه، وكان إذا رأى مصحفا عظيما سرّ به. وكان علي يكره أن تتخذ المصاحف صغارا اهـ.
وقد أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن انظر الاتقان. وقد عد في الطريقة المحمدية من الآفات تصغير المصحف. قال العارف النابلسي في شرحها: أي كتابته في أوراق صغار، ثم نقل عن أبي حنيفة: أنه يكره أن يصغر المصحف، وأن يكتب بقلم دقيق، ثم قال: ينبغي لمن أراد كتابة القرآن أن يكتبه بأحسن خط وأثبته، على أحسن ورق وأبيض قرطاس، بأفخم قلم وأبرق مداد، ويفرّج السطور، ويفخم الحروف، ويجرده عما سواه من التفاسير، وذكر الآي وعلامات الوقف وصونا لنظم الكلمات كما هو مصحف الإمام عثمان رضي الله عنه اهـ منه.
باب هل كانوا يحلّون المصاحف
ترجم ابن رشد في جامع البيان والتحصيل؛ لصفة مصحف جد الإمام مالك المكتوب على عهد عثمان، قال ابن القاسم: وأخرج إلينا أي مالك مصحفا لجده (أبي عامر الأصبحي المختلف في صحبته) فحدثنا أنه كتب على عهد عثمان بن عفان، فوجدنا حليته فضة، وأغشيته من كسوة الكعبة، وأعاد ذلك في العتبية مرة أخرى، وزاد فيها: ما زدت أنا فيه شيئا قال ابن رشد: أحفظه في إجازة تحلية المصحف بالفضة، أما تحليته بالذهب فأجيز وكره، وظاهر ما في الموطأ إجازته اهـ.
[باب في أن حفظ المصاحف كان له ولاة مختصون به في زمن أبي بكر رضي الله عنه]
في التعريف برجال مختصر ابن الحاجب، لابن عبد السلام، في ترجمة أبي بكر أن عمر كان قاضيه، وعثمان كاتبه. وسعد مولى مصاحفه، وسعد القرظ مؤذنه.
[باب هل كانوا يقبلون المصاحف؟]
في شرح الأحاديث الأربعين للشمس محمد بن مصطفى الكرماني الحنفي: المصحف قبّله عمر وعثمان في كل غداة، وقيل: إنه بدعة في المنية اهـ منه ص ١٠٦. وفي الدر المختار شرح تنوير الأبصار، للعلامة الحصكفي الدمشقي، من كبار كتب الحنفية: روي أن