وخرج الإمام أحمد وابن ماجه عن قيس بن سعد بن عبادة قال: ما من شيء كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قدر رأيته إلا شيئا واحدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغلس له يوم الفطر وقال جابر: هو اللعب. وروى ابن ماجه عن عياض الأشعري أنه شهد عيدا بالأنبار فقال: ما لي لا أراكم تغلسون كما كان يغلس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
وروى الطبراني عن أم سلمة قالت: دخلت على جارية لحسان بن ثابت يوم فطر، ناشرة شعرها معها دف، فزجرتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعيها يا أم سلمة فإن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا.
«وخرّج مسلم عن عائشة قالت: دخل علي أبو بكر وجاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث يوم معلوم بين الأوس والخزرج- فقالت وليستا بمغنيتين- قال أبو بكر أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا وخرجه البخاري فقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم» .
قال الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب العامري البغدادي في مؤلفه في السماع: من تمسك بتسمية أبي بكر مزمار الشيطان فقد أخطأ وأساء الفهم من وجوه؛ منها: تمسكه بقول أبي بكر مع رد النبي صلى الله عليه وسلم له قوله، وزجره عن عنفه لهن ورجوع أبي بكر إلى إشارة المصطفى، ومنها إعراض هذا القائل عن إقراره صلى الله عليه وسلم، واستماعه الذي لا احتمال فيه، أنه يقتضي الحل، والإطلاق إلى لفظ أبي بكر. ومحال أن يعتقد أبو بكر تحريم أمر حضره المصطفى وأقر عليه، مع علم الصديق أنه عليه السلام لا يقر على باطل. والصحيح أن يفهم من قول أبي بكر ما يليق به. وهو أنه رأى ضرب الدف وإنشاد الشعر لعبا من جملة المباح الذي ليس فيه عبادة، فخشي باطنه الكريم من تعظيم حضرة النبوة واحترام منصب الرسالة وشدة الاحتشام ما حمله على تنزيه حضرته عليه السلام عن صورة اللعب، ورأى أن الاشتغال بالذكر والعبادة في ذلك الموطن الكريم أولى، فزجر عنه احتراما لا تحريما فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم إنكاره لأمرين، أحدهما: أن لا يعتقد تحريم ما أبيح في شرعه توسعه لأمته ورفقا بها، وتفسحا في بعض الأوقات. والثاني: إظهار الشارع مكارم الأخلاق وسعة الصدر لأهله وأمته، فتستريح قلوبهم ببعض المباح، فيكون أنشط لهم في العود إلى وظائف العبادة، كما قال لما قال أبو بكر: أقرآن وشعر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ساعة من هذا وساعة من هذا اهـ.
[هل كانت الدفوف في الزمن النبوي بالجلاجل (وهل سمع الصحابة العود والوتر)]
قال الخزاعي هنا:
«لم أقف في شيء مما طالعته من الكتب ما استدل به على الدفوف، التي كانت الجواري يضربن بها في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، هل كان فيها جلاجل أم لا؟ ولكن يحتمل إجازة