«قال الفخر الرازي: الخليفة من يخلف غيره ويقوم مقامه. وفي صناعة الكتابة لابن النحاس: وعلى هذا خوطب الصديق فقيل له: يا خليفة رسول الله وهو أول من ولي الخلافة في الإسلام» خزاعي.
الخلافة هي الرياسة العظمى، والولاية العامة الجامعة، القائمة بحراسة الدين والدنيا، والقائم بها يسمّى الخليفة، لأنه خليفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإمام لأن الإمامة والخطبة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لازمة له، لا يقوم بها غيره إلا بطريق النيابة عنه؛ كالقضاء والحكومة، ويسمّى أيضا أمير المؤمنين. وهو الوالي الأعظم لا والي فوقه ولا يشاركه في مقامه غيره، وأول خلافة انعقدت على حقيقتها ووجهها في الأرض، خلافة أبي بكر رضي الله عنه. أخرج ابن عديّ عن أبي بكر بن عياش قال: قال لي الرشيد: يا أبا بكر كيف استخلف الناس أبا بكر الصديق؟ قلت: يا أمير المؤمنين، سكت الله وسكت رسوله وسكت المؤمنون، فقال: والله ما زدتني إلا غما. قال: يا أمير المؤمنين مرض النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أيام، فدخل عليه بلال فقال: يا رسول الله من يصلي بالناس؟ فقال: مر أبا بكر يصلي بالناس فصلى أبو بكر ثمانية أيام والوحي ينزل، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسكوت الله وسكت المسلمون لسكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعجبه فقال: بارك الله فيك.
وقد استنبط جماعة من العلماء خلافة أبي بكر من آيات القرآن، فأخرج البيهقي عن الحسن البصري في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة: ٥٤] قال: هو والله أبو بكر وأصحابه لما ارتدت العرب جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردوهم إلى الإسلام. وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير في قوله تعالى: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ [الفتح: ١٦] قال: هم بنو حنيفة. قال ابن أبي حاتم وابن قتيبة: هذه الآية حجة على خلافة الصديق، لأنه الذي دعا إلى قتالهم، وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري: سمعت أبا العباس بن شريح يقول: خلافة الصديق في القرآن في هذه الآية، قال: لأن أهل العلم أجمعوا على أنه لم يكن بعد نزولها قتال دعوا إليه إلّا دعاء أبي بكر لهم وللناس إلى قتال أهل الردة، ومن منع الزكاة. قال: فدلّ ذلك على وجوب خلافة أبي بكر وافتراض طاعته، إذ أخبر الله أن المتولي عن ذلك يعذّب عذابا أليما. قال الحافظ بن كثير: ومن فسّر القوم بأنهم فارس