أبعث إلي غلمانا. وترجم البخاري في الأدب المفرد باب: السلام على الصبيان، فأسند إلى ابن عمر، أنه كان يسلم على الصبيان في المكتب.
وسئل الأستاذ الكبير الشيخ المختار الكتبي عن الأصل في ترك المعلم للصبي قراءة الخميس والأربعاء والجمعة فأجاب: بأن الصحابة كانوا قبل ولاية عمر إنما يقريء الرجل ابنته وأخاه الصغير ويأخذ الكبير عن الكبير مفاهمة لسيلان أذهانهم، فلما كثرت الفتوحات، وأسلمت الأعاجم وأهل البوادي، وكثر الولدان أمر عمر ببناء بيوت المكاتب، ونصب الرجال لتعليم الصبيان وتأديبهم، وكانوا يسردون القراءة في الأسبوع كله. فلما فتح عمر الشام ورجع قافلا للمدينة تلقاه أهلها ومعهم الصبيان، وكان اليوم الذي لاقوه فيه يوم الأربعاء، فظلوا معه عشية الأربعاء ويوم الخميس وصدر يوم الجمعة، فجعل ذلك لصبيان المكاتب وأوجب لهم سنة للاستراحة، ودعا على من عطل هذه السنة. ثم اقتدى به السلف في الاستراحات المشروعة إلى يومنا هذا، وهي يوم النحر وثلاثة بعده ويوم الاثنين سرورا بمولد المصطفى عليه السلام، وثلاثة قبل المولد وثلاثة أيام بعده، ويوم المولد كانوا يسمونها التجميمات اهـ.
عجيبة في سماع أشهب وابن نافع عن مالك، أن عامر بن عبد الله سجن ابنا له كان ماجنا، حتى جمع كتاب الله فأتي فقيل له: قد جمع كتاب الله فخله. فقال له: ما من موضع خير له من موضع جمع فيه كتاب الله، فأبى أن يخليه. انظر تحفة الناظر للعقباني.
[باب أين كانوا يصبون الماء الذي يغسل الصبيان به ألواحهم]
في شرح المجاجي على مختصر ابن أبي جمرة قال أنس بن مالك: إذا لم يتحفظ معلم الأولاد على ماء الألواح، ولم يسأل أين يطرحونه فلينظر على أي دين يموت. دين اليهود أو دين النصارى. قيل له: كيف كانوا يفعلون يا أنس؟ قال: كان المؤدب في زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي يجعل إناء كبيرا معدا لمحو الألواح. فيأتي كل يوم صبي من أولئك بماء، ثم يجعل الماء في حفرة. قال ابن عرفة: وكان من عادتنا أن نجعله في حفرة عند القبور، ثم وجدت البرزالي في نوازله، ذكر عن أنس نقلا عن آداب المتعلمين لابن سحنون بلفظ: إذا محت صبية المكاتب تنزيل رب العالمين بأرجلهم نبذ المعلم إسلامه خلف ظهره ثم لا يبالي، حين يلقى الله على ما يلقاه قيل لأنس: كيف كان المؤدبون على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي؟ قال أنس: كان المؤدب له إجانة إناء يغسل فيها الثياب، وكل صبي يجيء في نوبته بماء طاهر فيصبه فيها، فيمحون به ألواحهم. قال أنس ثم يحفرون له حفرة في الأرض فيصبون ذلك الماء فيها فينشف اهـ.
ونقل القرطبي في مقدمة تفسيره أن السلف كانوا يستشفون بغسالة الألواح، وفي المدخل لابن الحاج أن هذه الغسالة إما أن تصب في بحر أو بئر أو حفرة طاهرة لا توطأ.