إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم في المعركة، وهو يتبختر بين الصفين فقال: إن هذه مشية يبغضها الله إلا في هذا المكان. وكان يقال له: ذو المشهرة لأنه كان له مشهرة (درع) إذا لبسها في الحرب لا يبقى ولا يذر. انظر ثمار القلوب.
[باب فيمن كان يضرب به المثل في الفقه من الصحابة]
في مسند أبي حنيفة من جمع الحصكفي، أنه روى عن حماد عن إبراهيم قال: كان عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبو موسى الأشعري وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، اجتمعوا في منزل فأقيمت الصلاة فجعلوا يقولون: تقدم فأبى فقال: أي صاحب المنزل لابن مسعود: تقدم أمّ بنا يا أبا عبد الرحمن، فتقدم فصلى بهم. قال ابن سلطان في شرحه: لأنه كان أفضلهم، فقد قيل: إنه أفضل الصحابة بعد الخلفاء الأربعة، ولما قال صاحب القاموس في الصحابة العبادلة، وليس منهم ابن مسعود. قال القاري عليه: لأنه أجلّ منهم، لا يعد منهم. ولهذا إذا أطلق عبد الله عند المحدثين فهو ابن مسعود اهـ.
وكان يضرب المثل في الفقه بالعبادلة وهم: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فهؤلاء من فقهاء الصحابة وثباتهم وعلمائهم، ومن أثبتهم ومن عبادلتهم أيضا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن أبي بكر الصديق، كذا في ثمار القلوب.
وفي شرح الفية العراقي لمؤلفه قيل لأحمد بن حنبل: من العبادلة قال: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وقيل له: فابن مسعود؟ قال: لا قال البيهقي لأنه تقدم موته، وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى عملهم. فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة. وهذا هو المشهور بين المحدثين وغيرهم، واقتصر صاحب الصحاح في اللغة على ثلاثة وأسقط ابن الزبير. ووهم صاحب القاموس حيث وقع له أن الجوهري عدّ منهم في الصحاح ابن مسعود.
قال الشمس ابن الطيب الشركي في حواشيه: وليس في شيء من أصول الصحاح المقررة ذكر ولا تعرض، وقد راجعت أكثر من خمسين نسخة منه، فلم أره ذكره، وانظر بقية القول في العبادلة في الحواشي المذكورة، وفي فتح القدير «١» للكمال بن الهمام: أن اسم العبادلة غلب على من اشتهر بالفقه والفتوى من الصحابة، قال الشمس ابن عابدين الدمشقي، في حاشية نسمات الأسحار على شرح المنار، وعلى هذا يدخل تحته كل من اشتهر بالققه؛ كابن مسعود وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وعائشة، كما في ابن نجيم [صاحب البحر الرائق] . وانظر شرح الحافظ السخاوي على الألفية.