للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج ابن أبي داود في المصاحف، وابن عساكر عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها تأتيني كتب لا أحب أن يقرأها كل أحد، فهل تستطيع أن تتعلم كتاب العبرانية؟ أو قال السريانية فقلت نعم فتعلمتها في ١٧ يوما. وأخرج أبو يعلى وابن أبي داود في المصاحف وابن عساكر عن زيد بن ثابت قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم أتحسن السريانية؟ فإنها تأتيني كتب قلت لا قال: فتعلمها فتعلمتها في سبعة عشر يوما. وأخرج الإمام أحمد عن زيد بن ثابت رفعه: يا زيد تعلم لي كتاب يهود فإني والله ما آمن يهوديا على كتابي، وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن ثابت رفعه: إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا أو ينقصوا فتعلم السريانية.

[أقول وبهذا يعلم حكم تعلم اللغات الأجنبية.]

وفي الجزء الثالث من صبح الأعشى: ينبغي للكاتب أن يتعلم لغة من يحتاج إلى مخاطبته، أو مكاتبته من اللغات غير العربية، فكذلك ينبغي أن يتعلم من الخطوط غير العربية، ما يحتاج إليه من ذلك فقد قال محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة: إنه يجب عليه أن يتعلم الهندية وغيرها من الخطوط العجمية، ويؤيد ذلك ما تقدم في الكلام على اللغة أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب يهود من السريانية، أو العبرانية، وكان يقرأ على النبي صلى الله عليه وسلم كتبهم ويجيبهم عنه اهـ.

وقد استفسر ابن رشد ما جاء عن مالك وعن سيدنا عمر من ذم تعاطي لغة الأعاجم.

فتبين من كلامه في كتاب البيان والتحصيل أن الذي كره مالك من تعلم خط العجم ولسانهم هو ما لا يكون في تعلمه منفعة، وأما ما فيه منفعة كتعلمه لترجمة ما يحتاجه الإمام كما تعلمه زيد بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أو لما يحتاج إليه القاضي للفصل بين الخصوم، وإثبات الحقوق، أو العاشر الذي يعشر أهل الذمة وتجار الحربيين، لطلب ما يعشر عندهم لبيت المال، أو لما يحتاج إليه من فكاك أسير، وما أشبه ذلك مما تدعو إليه الضرورة فغير مكروه.

وقال ابن يونس حين تكلم على قول المدونة ونهي عمر عن رطانة الأعاجم أي تكلمهم بلسانهم فقيل: معنى النهي عن ذلك أنها يتكلمون بها في المساجد، وقيل: معنى النهي أنهم إذا تكلموا بها بحضرة من لا يفهمها، فيكون من تناجي الإثنين دون واحد. وقد كره ذلك. قال الشيخ أبو الحسن عليها «١» : والتاويل الآخر أسدّ. وأما الأول فلماذا كرهه هل لأنها من اللغو الذي تنزه المساجد عنه؟ اهـ وكأنه توقف في ذلك وقال في التوضيح:

إنما كرهها في المساجد لأن مالكا كره أن يتكلم في المساجد بألسنة العجم وإليه ذهب ابن يونس اهـ.

وفي المدخل لابن الحاج: قد كره مالك ما هو أخف من هذا يعني الأكل في


(١) في المتن نقص والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>