للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير واحد منهم ماله إذا عزله، منهم سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة. وكان يستعمل الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مثل عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة، ويدع من هو أفضل منهم، مثل عثمان وعلي وطلحة والزبير، وعبد الرحمن بن عوف ونظرائهم «١» لقوة أولئك على العمل، والبصر به ولإشراف عمر عليهم، وهيبتهم له، وقيل له: مالك لا تولي الأكابر من أصحاب المصطفى عليه السلام فقال: أكره أن أدنسهم بالعمل اهـ.

[باب أين كان يجلس القاضي للحكم والفصل]

وفي الهداية من كتب الحنفية: أنه عليه السلام كان يفصل الخصومات في معتكفه، قال الحافظ بن حجر في اختصار نصب الراية: كأنه يشير إلى حديث كعب بن مالك: أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا في المسجد، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف سجوف حجرته فناداه يا كعب: أن ضع الستر وفي الباب حديث ابن عباس: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل فقال: أقم علي الحد وفي حديث سهل بن سعد في قصة المتلاعنين قال:

فتلاعنا في المسجد، وأنا شاهد عليه، وفي الهداية أيضا روي أن الخلفاء الأربعة الراشدين كانوا يجلسون في المسجد لفصل الخصومات، قال الحافظ في تخريج أحاديثها: فيه آثار؛ منها ما ذكره البخاري قال: ولا عن عمر عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقضى مروان على زيد بن ثابت بالمنبر اهـ.

وقال الجمال الزيلعي في نصب الراية عن ابن تيمية، في المنتقى على حديث كعب:

فيه جواز الحكم في المسجد اهـ.

وفي الصحيح: «٢» باب من قضى ولا عن في المسجد ولا عن عمر عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقضى شريح والشعبي ويحيى بن يعمر في المسجد، وقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر اهـ وفي الهداية أيضا؛ قال عليه السلام: إنما بنيت المساجد لذكر الله وللحكم. قال الزيلعي غريب بهذا اللفظ اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في اختصاره: لم أجده هكذا اهـ منه وفي التيسير في أحكام التسعير: للقاضي ابن سعيد المجيلدي: وقد كان بعض أصحاب الشافعي لما قدم لها أي الحسبة ببغداد، أقام قاضيا وجده يقضي في المسجد، فقال له ألم تسمع قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور: ٣٦] . ولكن هذا يخالف ما روي من استحباب مالك الجلوس للقاضي في المسجد؛ ليتوصل إليه القوي والضعيف والصغير والكبير اهـ.


(١) إن أكابر الصحابة هم بمثابة رجال الشورى للخليفة، فمهمتهم أكبر ورتبتهم أعظم من رتبة العمال والولاة. والله أعلم. مصححه.
(٢) انظر كتاب الطلاق ٦/ ١٧٩ باب ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>