ومنه حديث خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن نعيم بن هبار، عن المقدام بن معدي كرب، عن ابي أيوب عوف بن مالك، وحديث اجتمع فيه أربع نسوة صحابيات، ثنتان من أمهات المؤمنين، وربيبتان للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما رواه مسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجه، من طريق ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن حبيبة بنت أم حبيبة عن أمها أم حبيبة، عن زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوما محمرا وجهه وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث «١» . وقد أفرد بعضهم هذه الأحاديث بجزء ووقع في بعض الأجزاء حديث اجتمع فيه خمس من الصحابة تضمن رواية عبد الله بن العاص عن عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب عن أبي بكر الصديق عن بلال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الموت كفارة لكل مسلم.
[باب في أن جلالة بعضهم عند بعض كانت لا تمنع من المخالفة فيما لم يؤدهم إليه اجتهادهم]
نقل في روضة الإعلام، عن الشيخ أبي العباس بن زاغ التلمساني مخالفة التلميذ للشيخ في بعض المسائل، إذا كان لها وجه، وعليها دليل قائم يقبله غير الشيخ من العلماء:
ليس من سوء أدب التلميذ مع الشيخ، ولكن مع ملازمة التوقير الدائم، والإجلال اللازم.
فقد خالف ابن عباس عمر وعلي وزيد بن ثابت، وكان قد أخذ عنهم اهـ وقد ألف الحافظ السيوطي رسالة أثبت فيها تهاجر الصحابة فيما بينهم بسبب خلافات في مسائل سياسية ودينية.
[باب في أدب الصحابة مع من يتعلمون منه أيضا]
خرّج أبو نعيم عن ابن عباس قال: إن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فاتي بابه وهو قائل، (نائم) فأتوسد ردائي على بابه، تنسف الريح علي من التراب، فيخرج فيراني فيقول:
يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جاء بك ألا أرسلت إلي فاتيك؟ فاقول: أنا أحق أن آتيك فاسألك عن الحديث.
وذكر ابن عبد البر عنه في كتاب العلم أنه قال: وجدت علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند هذا الحي من الأنصار. إن كنت لأقيل بباب أحدهم، ولو شئت أذن لي، ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه. وروى أبو الزناد عن أبيه قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يأتي عبيد الله يسأله عن علم ابن عباس، فربما أذن له، وربما حجبه وأخرج الخطيب في الجامع عن علي عليه السلام قال: من حق العالم عليك، أن تسلم على القوم عامة، وتخصه دونهم بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشير عنده بيدك، ولا تسارّ في محله، ولا تأخذ بثوبه، ولا تلجّ
(١) أخرجه مسلم في أول كتاب الفتن وأشراط الساعة ص ٢٢٠٧ ج ٣.