وانظر تعليقنا على جامع الترمذي، وقد وقع من الولي ابن خالدون كلام في هذا الفصل، أشار فيه إلى الطعن على من يرفع سند الخرقة لعلي قائلا: هو من هذا المعنى بريء، وإلا فعلي لم يختص من بين الصحابة بتحلية ولا طريقة في لباس ولا حال، بل كان أبو بكر وعمر من أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم عبادة ولم يختص أحد منهم في الدين بشيء يؤثر عنه بالخصوص، بل كان الصحابة كلهم أسوة في الدين والزهد، والمجاهدة اهـ ملخصا.
ولله در الشيخ عبد الهادي الأبياري إذ قال إثره في سعود المطالع: وفي النفس من هذا الكلام شيء؛ إذ فيه من القدح في أجلة المشايخ وخرق الإجماع منهم، في انتهاء أسانيد طرقهم إلى الإمام علي، ما لا يخفى على المطلع على أحوالهم، المطالع لصحف طرقهم، ما تجمح من أن تقبله- وقد كان صلى الله عليه وسلم يخص من شاء من العلوم والطرائق بما شاء، كما يرشد، إلى ذلك حديث حذيفة الذي أعلمه صلى الله عليه وسلم بما كان ويكون إلى يوم القيامة، وحديث أبي هريرة: أخذت وعاءين من العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك اهـ.
وقد أفرد ما رواه علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة؛ فقد ذكر ابن سليمان الرداني في صلته: الذين جمعوا المسند لعلي: أبو جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي عرف بمطين، وأبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق القاضي، وأبو محمد عبد الرحمن بن عثمان ابن أبي نصر وغيرهم، وللخادمي في شرح الطريقة المحمدية؛ أن جميع الفرق ينتسبون لعلي في الأصول والفروع، وكذا المتصوفة في صفاء الباطن وابن عباس رئيس المفسرين تلميذه اهـ.
قلت: ومن أراد أن يعرف مقدار سعة علم سيدنا علي ومصداق كونه باب مدينة العلم النبوية فليطالع بتتبع شرح ابن أبي الحديد على نهج البلاغة ير العجب العجاب الذي يفوق أعداد الحساب.
[باب من كان يلقب منهم بأسد الله]
كان يقال لحمزة بن عبد المطلب أسد الله، لتقدم قدمه في الحرب، وشدة إقدامه على أعداء الله، وقد قال هو عن نفسه يوم بدر: أنا أسد الله وأسد رسوله، وأخرج الديلمي عن ابن عبد الصمد عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده: إنه لمكتوب في السماوات السبع: حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله.
[باب الملقب فيهم بشيخ الإسلام]
سبق عن الحافظ السخاوي أن أول من لقب في الإسلام بشيخ الإسلام أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وفي تفسير البيضاوي لدى قوله تعالى: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا [البقرة: ١٤] قول ابن أبيّ لأبي بكر: مرحبا بالصديق سيد بني تيم وشيخ الإسلام، والقصة خرّجها الواحدي، وقال ابن حجر: منكر وذكر إسنادها وقال: هو سلسلة الكذب