العدد أيضا تعلم أن المتأخر ربما يأتي بما لم يأت به المتقدم فهذا شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري غاية ما ترجم له في كتاب البيوع من صحيحه من الحرف والصنائع نحو العشرة وهي: الصواغ والقين والخياط والنساج والنجار وبائع السلاح والعطار والحجام ونحو ذلك وربما كان البخاري اقتصر على هذا القدر لأنه الذي بلغه على شرطه ولكن على كل حال همة المتأخر لا تنكر ويجب أن تذكر فتشكر وإن كان للأوائل فتح أبواب فللمتأخرين الجري على المنوال ضعفا وقوة من غير ارتياب وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ [القصص: ٦٨] .
[القسم العاشر من كتاب الخزاعي]
وبه كمل التأليف في ذكر أمور متفرقة وفيه أبواب:
باب في معنى الحرفة والصناعة.
باب في النهي عن استعمال غير المسلمين من الكفار من أهل الكتاب وغيرهم.
باب فيما جاء في أرزاق العمال.
باب في ذكر الكتب التي استخرج منها ما تضمنه كتابه التخريج. وهذا القسم لم أقف عليه ولا يوجد في النسخة التونسية «١» . فأما [الكلام في] الباب في معنى الحرفة والصناعة فقد قدمنا من ذلك ما نظنه كافيا أول القسم التاسع. وأما حكم استعمال الكفار وأرزاق العمال فمحله على طريق البسط كتب الفقه فأما الباب الرابع الذي عقده لذكر الكتب التي استخرج منها كتابه فهذا الباب مفيد جدا ولكن وإن لم أقف عليه من قلم المؤلف فبتتبع الكتاب يستغنى عنه. وقد تتبعته فوجدت اعتماده في أكثر الصنائع والحرف والعمالات وولاتها على الاستيعاب وذيله لابن فتحون كما سبق. وقد عقدت فيما سبق فصلا ذكرت فيه الكتب التي ينقل عنها في مصنفه وأنت بالخيار إما أن تثبت ذلك الفصل هنا أو تبقيه وتقرؤه هناك. ولما كان الكتاب قد بني على عشرة أقسام (أجزاء) كما يقول الخزاعي أردت أن لا أحرم القراء من قسم عاشر هو من الأهمية بمكان ربما يضارع جل أجزاء المؤلف أو يفوقها أهمية فنقول والله المستعان:
القسم العاشر فى تشخيص الحالة العلمية على عهده عليه السلام تعلما وتعليما والحالة الاجتماعية من حيث النبوغ وسعة المدارك والأخلاق والعوائد والأزياء، ويتركب هذا القسم من مقصدين:
المقصد الأول: في تشخيص الحالة الاجتماعية على عهده عليه السلام، وذكر ما حازه أصحابه من السبقيات في أنواع النبوغ وسعة المدارك والكيفيات وغير ذلك، مما يعرفك أن المدينة المنورة في الزمن الأول؛ كانت مجموعة مهولة بصنوف واختلاف
(١) سنضيفه لا حقا في مكانه من طبعة دار الغرب الإسلامي إن شاء الله.