مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال عمر: كتب إلى رسول الله كتاب فقال لعبد الله بن الأرقم الزهري: أجب هؤلاء عني، فأجابهم ثم جاء به فعرضه عليه عليه السلام فقال:
أصبت بما كتبت. قال عمر فما زالت في نفسي حتى جعلته على بيت المال، وذكر هذه القصة في العتبية وزاد: قال عمر: ما رأيت أخشى لله منه، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن وهب عن مالك قال: بلغني أن عثمان أجاز عبد الله بن الأرقم، - وكان له على بيت المال- بثلاثين ألفا فأبى أن يقبلها. وروي أنه بلغ من أمانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك فيكتب، ويأمره أن يطيّنه ويختمه ما يقرؤه لأمانته عنده اهـ من البيان والتحصيل لابن رشد.
[باب فيمن كان يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم للبوادي]
كان يكتب له للبوادي معاوية، فقد قال المدائني كما في شرح المواهب: كان زيد بن ثابت يكتب الوحي، ومعاوية يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فيما بينه وبين العرب انظر ص ٣٦٩ من الجزء الثالث.
تنبيه: في الشفا؛ أن رجلا قال للمعافى بن عمران: أين عمر بن عبد العزيز من معاوية؟ يعني أيهما أفضل وخصهما بالسواء لأنهما أمويان، فغضب المعافى على السائل وقال: لا يقاس بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد، معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحيه، لأنه لو لم يستأمنه ما استكتبه الوحي، وكفاه بهذا مرتبة لم يصل إليها عمر بن عبد العزيز وأضرابه، قال الشهاب في نسيم الرياض: والمعافى رجل منطق فما صح عنه يرد ما قيل:
إنه لم يكتب له شيئا من الوحي، وإنما كان يكتب له إلى القبائل والجهات اهـ.
[فصل في كتابته عليه السلام في الجلد ومقداره]
ترجم في الإصابة لمالك بن أحمر الجذامي العوفي، فذكر أن ابن شاهين أخرج بسنده عنه؛ أنه لما بلغهم مقدم النبي صلى الله عليه وسلم تبوك، وفد إليه مالك بن أحمر فأسلم، وسأله أن يكتب له كتابا يدعوه إلى الإسلام فكتب له في رقعة من أدم (جلد) . وفي طريق آخر:
عرضها أربعة أصابع وطولها قدر شبر، وقد انمحى ما فيها، وكذا أخرجه البغوي والطبراني في الأوسط.
وهاهنا تنبيه: ترجم في صبح الأعشى لما نطق به القرآن مما يكتب فيه فذكر اللوح، وذلك قوله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج: ٢١- ٢٢] الثاني:
الرق بفتح الراء قال تعالى: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ والرق ما يرقق من الجلد ليكتب فيه، الثالث: القرطاس والصحيفة، وهو الكاغذ. ثم عقد فصلا آخر لما كانت الأمم السالفة تكتب فيه، فذكر أن أهل الصين كانوا يكتبون في رق مصنوعة من الحشيش، وعنهم أخذ الناس صناعة الورق، وأهل الهند يكتبون في خرق الحرير الأبيض، والفرس يكتبون