وقد ذكر شيخ بعض شيوخنا حافظ الحجاز الشيخ محمد عابد الأنصاري السندي في ثبته حصر الشارد: إسناده لكتاب التفسير عن مجاهد واسناده لكتاب التفسير عن الضحاك وإسناده لكتاب التفسير عن روح بن عبادة. انظر حرف التاء. وبكل ذلك تعلم ما نقله الحافظ السيوطي في تنوير الحوالك على موطأ مالك عن الشيخ أبي طالب المكي في القوت: هذه المصنفات من الكتب حادثة بعد سنة عشرين أو ثلاثين ومائة، فانظره ونص عبارة القوت ص ١٠٩ من ج ١: هذه المصنفات من الكتب حادثة بعد سنة عشرين ومائة من التاريخ، وبعد وفاة كل الصحابة. وعلية التابعين، ثم قال بعد سنة عشرين أو أكثر من التاريخ.
باب في اعتناء قوّاد الصحابة برفع التقارير الجغرافية للخلفاء الراشدين عن البلاد التي يفتحونها
في صناجة الطرب في تقدمات العرب ص ٤١٩، أن الخلفاء صدر الإسلام أمروا أمراء جيوشهم وعمالهم، أن يرسم كل منهم خطط البلاد التي افتتحها واستولى عليها اهـ.
قلت: ومن أمثلة تلك التقارير، أن عمرو بن العاص لما أتم فتح مصر أرسل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كتابا يصف له فيه مصر، وشرح له السياسة التي سيتخذها فيها ونصه:
مصر تربة غبراء (سهلة الإنبات) وشجرة خضراء (كثيرة الشجر الأخضر) طولها شهر، وعرضها عشر (لعله يريد أن الماشي يقطعها طولا في شهر، وعرضا في عشرة أيام) يكتنفها جبل أغبر (يحيط بها جبل ضارب إلى السواد) ورمل أعفر (أبيض مائل إلى الحمرة أو الصفرة) يخط وسطها نهر ميمون الغدّوات مبارك الروحات (محمود الذهاب والإياب) يجري بالزيادة والنقصان، كجري الشمس والقمر. له أوان (يزيد وينقص في أزمنة معينة) تظهر به عيون الأرض وينابيعها حتى إذا عجّ عجيجه (معظم مائه) وتعظمت أمواجه (انقطعت وتسربت في الأرض) لم يكن وصول بعض أهل القرى إلى بعض إلا في خفاف القوارب وصغار المراكب، فإذا تكامل في زيادة نكص (رجع وذهب) على عقبه، كأول ما بدا في شدته، وطمى في حدّته (ونقص في شدة كما زاد بقوة) فعند ذلك يخرج القوم ليحرثوا بطون أوديته وروابيه (أعالي الأرض وأسافلها) يبذرون الحبّ ويرجون الثمار من الرب، حتى إذا أشرق وأشرف (ظهر وبان) سقاه من فوقه النّدى وغذاه من تحته الثرّى، فعند ذلك يدرّ حلابه ويغنّي ذبابه (يعظم محصوله) فبينما هي يا أمير المؤمنين درّة بيضاء إذا هي عنبرة سوداء، وإذا هي زبرجدة خضراء فتعالى الله الفعال لما يشاء، الذي يصلح هذه البلاد وينميها ويقر قاطنها فيها أن لا يقبل قول خسيسها في رئيسها، وأن لا يستأدى خراج ثمرة إلا في أوانها، وأن يصرف ثلث ارتفاعها في عمل جسورها وترعها، فإذا تقرر الحال مع العمال في هذه الأحوال، تضاعف ارتفاع المال، والله تعالى يوفق في المبتدأ والمال اهـ.